responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 180

فيمن هو دونك، و عظم الرب شأنك، فما أحد فوقك. هكذا حكاه ابن الجوزي و غيره.

و ذكر ابن هشام، شارح الدريدية و غيره، أن الزباء، هي التي أرسلت إليه تخطبه، و تعرض عليه نفسها، ليتصل ملكه بملكها، فدعته نفسه إلى ذلك، فاستشار وزراءه، فكل واحد منهم رأى ذلك مصلحة، إلا قصيرا فإنه قال: أيها الملك هذه خديعة و مكر، فلم يسمع منه. قال: و لم يكن قصيرا و لكن سمي به ا هـ.

قال ابن الجوزي: فقال جذيمة: يا قصير، الرأي ما رأيته و قلته، و لكن النفس تواقة، و إلى ما تحب و تهوى مشتاقة، و لكل امرئ قدر لا مفر منه و لا وزر، ثم وجه إليها خاطبا و قال له: اذكر لها ما ترغبها فيه، و تصبو إليه، فجاءها خطيبه فلما سمعت كلامه، و عرفت مراده، قالت: أنعم بك عينا و بما جئت به. و أظهرت له السرور و الرغبة فيه، و أكرمت مقدمه، و رفعت موضعه، و قالت: قد كنت أضربت عن هذا، مخافة أن لا أجد كفؤا!و لكن الملك فوق قدري، و أنا دون قدره قد أجبت إلى ما سأل، و رغبت فيما قال، و لو لا أن السعي في مثل هذا الأمر بالرجال أمثل، لسرت إليه، و لنزلت عليه.

و أهدت له هدية سنية، ساقت إليه فيها العبيد و الإماء، و الكراع و السلاح، و الأموال و الإبل و الغنم، و غير ذلك من الثياب و الأمتعة و الجواهر شيئا عظيما. فلما رجع إليه خطيبه، أعجبه ما سمع من الجواب، و أبهجه ما رأى من اللطف، الذي تحير فيه عقول ذوي الألباب، و ظن أن ذلك منها لحصول رغبة، فأعجبته نفسه، و سار من فوره فيمن يثق به من خاصته، و أهل مملكته، و فيهم قصير خازنه، و قد استخلف على مملكته عمرو بن عدي اللخمي، و هو أول من ملك الحيرة من لخم، و كانت مدة ملكه مائة و عشرين سنة، و هو الذي اختطفته الجن و هو صبي ثم ردته و قد شب و كبر. فألبسته أمه طوقا من ذهب و أمرته بزيارة خاله جذيمة، فلما رأى جذيمة لحيته و الطوق في عنقه قال: «شب عمرو عن الطوق» [1] ، فأرسلها مثلا. و قال ابن هشام: إنه ملك مائة و ثماني عشرة سنة.

قال ابن الجوزي: فاستخلفه و سار إلى الزباء فوصل إلى قرية على الفرات، يقال لها نيفة فنزل بها، و تصيد و أكل و شرب. و استعاد المشورة و الرأي من أصحابه، فسكت القوم و افتتح قصير الكلام فقال: أيها الملك كل عزم لا يؤيد بحزم فإلى أين يكون كونه؟فلا تثق بزخرف قول لا محصول له، و لا تقذف الرأي بالهوى فيفسد، و لا الحزم بالمنى فيبعد، و الرأي عندي للملك أن يعتقب أمره بالتثبت، و يأخذ حذره بالتيقظ، و لو لا أن الأمور تجري بالمقدر، لعزمت على الملك عزما بتا أن لا يفعل. فأقبل جذيمة على الجماعة، و قال: ما عندكم أنتم في هذا الأمر؟فتكلموا بحسب ما عرفوا من رغبته في ذلك، و صوبوا رأيه و قووا عزمه، فقال جذيمة: الرأي مع الجماعة، و الصواب ما رأيتم. فقال قصير: «أرى القدر يسابق الحذر، فلا يطاع لقصير أمر» . فأرسلها مثلا، ثم سار جذيمة، فلما قرب من ديار الزباء، أرسل إليها يعلمها بمجيئه، فأظهرت السرور به، و الرغبة فيه و أمرت بحمل الميرة إليه، و قالت لجندها، و لخاصة أهل مملكتها، و عامة أهل دولتها


[1] جمهرة الأمثال: 1/448.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 2  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست