نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 2 صفحه : 134
سباع بن ثابت عن أم كرز، قالت: أتيت النبي صلى اللّه عليه و سلم فسمعته يقول [1] : «أقروا الطير على مكناتها» و في رواية في وكناتها. و هذا بعض حديث، رواه أحمد و أصحاب السنن و الحاكم و ابن حبان، قال: فالتفت سفيان إلى الشافعي و قال: يا أبا عبد اللّه ما معنى هذا؟فقال الشافعي: إن علم العرب كان في زجر الطير، فكان الرجل منهم إذا أراد سفرا خرج من بيته، فيمر على الطير في مكانه فيطيره، فإذا أخذ يمينا مر في حاجته، و إن أخذ يسارا رجع. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أقروا الطير على مكناتها» . قال: فكان ابن عيينة يسأل بعد ذلك عن تفسير هذا الحديث فيفسره على نحو ما فسره الشافعي. قال أحمد بن مهاجر: و سألت الأصمعي عن تفسير هذا الحديث، فقال مثل ما قال الشافعي. قال: و سألت وكيعا فقال: إنما هو عندنا على صيد الليل، فذكرت له قول الشافعي فاستحسنه و قال: ما ظننته إلا على صيد الليل.
و روى البيهقي، في سننه، أن إنسانا سأل يونس بن عبد الأعلى عن معنى «أقروا الطير في مكناتها» فقال: إن اللّه تعالى يحب الحق، إن الشافعي قال في تفسيره كذا، و ذكر ما تقدم عنه. قال:
و كان الشافعي، رحمه اللّه نسيج وحده في هذه المعاني.
قوله: «نسيج وحده» هو بالإضافة، و وحده مكسور الدال. قال ابن قتيبة: و أصله أن الثوب الرقيق النفيس لا ينسج على منواله غيره، و إن لم يكن نفيسا عمل على منواله عدة أثواب.
فاستعير ذلك لكل كريم من الرجال، انتهى.
قال الصيدلاني، في شرح المختصر: المكنة بكسر الكاف موضع القرار و التمكن. قال:
و في معنى هذا الحديث أقوال: أحدها النهي عن الصيد ليلا، ثانيهما ما تقدم عن الشافعي، ثالثها قال أبو عبيدة القاسم بن سلام: أقروها على بيضتها التي احتضنتها، و أصل المكن بيض الضب قال الصيدلاني: فعلى هذا يجب أن يكون المفرد المكنة بتسكين الكاف، كتمرة و تمرات انتهى.
الفائدة الأخرى
: الطيرة بكسر الطاء و فتح الياء المثناة تحت، التشاؤم بالشيء. قال [2]
تعالى: وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسىََ وَ مَنْ مَعَهُ أَلاََ إِنَّمََا طََائِرُهُمْ عِنْدَ اَللََّهِ أي شؤمهم جاء من قبل اللّه تعالى، و هو الذي قضى عليهم بذلك و قدره. و يقال تطير طيرة و تخير خيرة، و لم يجيء من المصادر هكذا غيرهما. انتهى. و كان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع و أبطله بقول: لا طيرة و خيرها الفأل. قيل: يا رسول اللّه و ما الفأل؟قال صلى اللّه عليه و سلم: «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم» [3] و في رواية قال: «يعجبني الفأل و أحب الفأل الصالح» . و كانوا يتطيرون بالسوانح و البوارح، فينفرون الظباء و الطيور، فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به و مضوا في أسفارهم و حوائجهم، و إن أخذت ذات الشمال رجعوا عن ذلك. و في حديث [4] آخر «الطيرة شرك» أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر، و إنما اشتقوا الطيرة من الطير لسرعة لحوق البلاء على اعتقادهم كما يسرع الطير في الطيران. و أما الفأل فمهموز، و يجوز ترك همزه، و قد فسره النبي صلى اللّه عليه و سلم بالكلمة الصالحة