نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 501
غذيت بدرّها و ربيت فينا # فمن أنباك أن أباك ذيب
إذا كان الطباع طباع سوء # فليس بنافع فيها الأديب
و هو إذا خافه إنسان طمع فيه، و إذا طمع الإنسان فيه خافه، و يقطع العظم بلسانه و يبريه بري السيف، و لا يسمع له صوت، و يقال: عوى الذئب، كما يقال عوى الكلب قال الشاعر: [1]
عوى الذئب فاستأنست للذئب إذ عوى # و صوّت إنسان فكدت أطير [2]
و قال آخر:
ليت شعري كيف الخلاص من النا # س و قد أصبحوا ذئاب اعتداء
قلت لما بلاهم: صدق خبري # رضي اللّه عن أبي الدرداء
أشار إلى قول أبي الدرداء: إياكم و معاشرة الناس فإنهم ما ركبوا قلب امرئ إلا غيروه، و لا جواد إلا عقروه، و لا بعيرا إلا أدبروه. و روى السهيلي، في الكلام على غزوة أحد، في حديث مسند، أنه قال: لما ولد عبد اللّه بن الزبير نظر إليه النبي صلى اللّه عليه و سلم و قال: «هو هو و رب الكعبة» . فلما سمعت أمه أسماء ذلك أمسكت عن ارضاعه، فقال لها النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أرضعيه و لو بماء عينيك، كبش بين ذئاب عليها ثياب ليمنعن البيت أو يقتلن دونه» [3] . و روى ابن ماجة و البيهقي عن كعب بن مالك، و قال: حديث صحيح حسن، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم، بأفسد لها من حرص الرجل على المال و الشرف لدينه و قد نص اللّه تعالى على ذم الحرص بقوله: وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ اَلنََّاسِ عَلىََ حَيََاةٍ[4] و روى ابن عدي عن عمرو بن حنيف عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «أدخلت الجنة فرأيت فيها ذئبا، فقلت:
أ ذئب في الجنة؟فقال: أكلت ابن شرطي» . قال ابن عباس: هذا و إنما أكل ابنه فلو أكله رفع في عليين. و قد رأيته كذلك في تاريخ نيسابور للحاكم في ترجمة شيخه علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي و هو حديث موضوع.
و روى الحاكم في مستدركه بإسناد على شرط مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه تعالى عنه قال: بينما راع يرعى بالحرة، إذ عدا الذئب على شاة فحال الراعي بينه و بينها فأقعى الذئب على ذنبه، و قال: يا عبد اللّه تحول بيني و بين رزق ساقه اللّه إلي!فقال الرجل: و اعجبا ذئب يكلمني!فقال الذئب: أ لا أخبرك بأعجب مني، هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بين الحرتين يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، فزوى الراعي شياهه إلى زاوية من زوايا المدينة، ثم أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فأخبره فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال [5] : «صدق و الذي نفسي بيده» .
[1] هو الأصيمر السعدي الشاعر اللص الفاتك، من شعراء الدولتين الأموية و العباسية. مات سنة 170 هـ-.