responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 275

قالت: «بل المرأة، فإن أحببت أن تعلم ذلك علمته» ، قلت: «و كيف أعلمه» ؟قالت: «أتجرد لك من ثيابي و أرميها عني ثم أمشي حتى أبلغ الأكمة، ثم أقبل حتى آتيك فتعطيني عهد اللّه و ميثاقه لتفعلن كما فعلت» ، فقلت: «لك عهد اللّه إن فعلت لأفعلنه» ، قال: «فألقت ثيابها عن أحسن ما نظرت إليه قط، بياضا و نظافة و حسنا، فلما انتهت إليّ قالت: «الوفاء» ، قلت: «الوفاء، و نعمة عيني» ، فخلعت ثيابي و أنا كأبهى الفتيان و أهيأهم حتى مضيت بعد الغاية، فلما انتصف بي المدى سمعت خرخرة جملي، فإذا هي قد جالت على ظهره لابسة ثيابي، متنكبة قوسي، قد لزمت المحجة، فناديتها فلم تعرج عليّ، و لبست ثيابها و تخمرت بخمارها، و ركبت بعيرها و زجرته، فانبعث بي أثر الحي و أخذت شق الوحشي، حتى ما أراها و جعلت أكف عن الجمل، إذ خشيت أن الحق الظعن حتى رأوني من بعيد، و جعلوا ينادون: « ويحك أقبلي» !و أنا صامت لا أتكلم و لا أتقدم، فلما طال عليهم أمري، بعثوا بجارية لهم مولدة، فأقبلت تعدو حتى أتتني و نشطت خطام‌ [1]

الجمل من يدي، و أنا متبرقع أحسن الناس وجها و عينا. فنظرت الجارية في وجهي ساعة، ثم قالت: «لقد أمسيت حديدة الطرف» ، و قادت الجمل حتى أتت الحي، فقالت أم الجارية: «يا بنية لقد استحيت من الناس مما دعوتك العشية» ، ثم تأملت و نظرت و سائر النساء. و قالت إحداهن: «و اللّه أنه لرجل فطن» ، و أنزلتني العجوز و أدخلتني الستر؛ و قالت: «من أنت لا أفلحت» ؟قلت: «بل ابنتك لا أفلحت، و لا أنجحت» ، و قصصت عليها قصتها، فقالت: نشدتك اللّه أ لا أعرتني نفسك هزيعا من الليل فإنا كنا على أن نبني بابنتي صاحبة الجمل الليلة و ما في الحي رجل غير زوجها، و هو إنسان فيه لوثة و لا بد من أن أدخلك عليه فإنك غلام أمرد، فلا ينكرك و لا أراه أقوى منك إن اعتركتما فلك عندي يد بيضاء» .

و أقبلت و أخت لابنتها و خالتها فألبسنني ثوب العروس و طيّنني، ثم دلفن


[1] نشط: جذب. الخطام: الزمام أو الحبل.

نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست