لئن كانت الدنيا عليّ كما أرى # تباريح من ذكراك فالموت أروح [1]
و أكثر ما كان يغني به معبد بشعر الأحوص، و من جيد ما غنّى به له قوله:
كأنّي من تذكر أمّ حفص # و حبل وصالها خلق رمام
صريع مدامة غلبت عليه # تموت لها المفاصل و العظام
سلام اللّه يا مطر عليها # و ليس عليك يا مطر السّلام
فإن يكن النكاح أحل شيء # فإنّ نكاحها مطرا حرام
و من شعر المتوكل بن عبد اللّه بن نهشل، و كان كوفيا في عصر معاوية، و هو القائل:
لا تنه عن خلق و تأتي مثله # قفي قبل التّفرّق يا أماما
و ردّي قبل بينكم السّلاما [2] # ترجّيها و قد شطت نواها
و منّتك المنى عاما فعاما [3] # فلا و أبيك لا أنساك حتى
تجاوب هامتي في القبر هاما
و مما يغنّى به من شعر عدي بن الرقاع:
تزجي أغنّ كأنّ إبرة روقه # قلم أصاب من الدواة مدادها [4]
و لقد أصبت من المعيشة لذّة # و لقيت من شظف الخطوب شدادها [5]
و علمت حتى ما أسائل عالما # عن حرف واحدة لكي أزدادها
[1] التباريح: الشدائد. و تباريح الشوق، توهجه. و أروح: أرحم.
[2] بينكم: فراقكم.
[3] النوى: البعد.
[4] الروق من كل شيء: مقدمه و أوله، أو قرن الدابة. و الإبرة من القرن: طرفه.
[5] شظف الخطوب: اشتدادها.