لابن الدمينة
و من شعر ابن الدمينة، و هو عبد اللّه بن عبيد اللّه، و الدمينة أمّه، و هو من أرق شعراء المدينة بعد كثيّر عزة و قيس بن الخطيم:
بنفسي و أهلي من إذا عرضوا له # ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب
و لم يعتذر عذر البريء و لم تزل # له بهتة حتى يقال مريب
جرى السّيل فاستبكاني السّيل إذ جرى # و فاضت له من مقلتيّ غروب
و ما ذاك إلاّ أن تيقّنت أنه # يمرّ بواد أنت منه قريب
يكون أجاجا قبلكم فإذا انتهى # إليكم تلقّى طيبكم فيطيب [1]
أيا ساكني شرقيّ دجلة كلّكم # إلى القلب من أجل الحبيب حبيب!
و من قول يزيد بن الطثرية، و غنى به ابن صياد المدني و غيره:
بنفسي من لو مرّ برد بنانه # على كبدي كانت شفاء أنامله
و من هابني في كلّ شيء وهبته # فلا هو يعطيني و لا أنا سائله
و مما يغني به من قول جرير:
أتذكر إذ تودّعنا سليمى # بعود بشامة؟سقي الشام!
بنفسي من تجنّبه عزيز # عليّ و من زيارته لمام
و من أمسي و أصبح لا أراه # و يطرقني إذا هجع النّيام
متى كان الخيام بذي طلوح # سقيت الغيث أيّتها الخيام
و مما غنى به نومة الضحى:
يا موقد النار قد أعيت قوادحه # اقبس إذا شئت من قلبي بمقباس [2]
ما أوحش الناس في عيني و أقبحهم # إذا نظرت فلم أبصرك في الناس
و مما يغنّى به من شعر ذي الرّمة، و هو من أرق شعر يغنى به، قوله:
[1] الأجاج: ما يلذع الفم بمرارته أو ملوحته، أو شدة الحر.
[2] أقبس: أوقد. و المقباس: العود و نحوه تقبس به النار.