نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 5 صفحه : 217
سيفا قاطعا و ترسا صلبا. فأعطيناه و مشى إليه، فضربه الشامي فاتّقاه بالترس و ضرب رجله فقطعها، و قتله و رجع، فحملناه و كبرنا، فإذا هو عبيد اللّه الكابلي.
سمر المنصور ذات ليلة، فذكر خلفاء بني أمية و سيرهم، و أنهم لم يزالوا على استقامة حتى أفضى أمرهم إلى أبنائهم المترفين، و كانت همتهم مع عظم شأن الملك و جلالة قدره، قصد الشهوات و إيثار اللذات و الدخول في معاصي اللّه و مساخطه جهلا باستدراج اللّه و أمنا لمكره؛ فسلبهم اللّه العز و نقل عنهم النعمة. فقال له صالح ابن علي: يا أمير المؤمنين، إن عبد اللّه بن مروان لما دخل النوبة هاربا فيمن تبعه، سأل ملك النوبة عنهم فأخبر، فركب إلى عبد اللّه فكلمه بكلام عجيب في هذا النحو لا أحفظه، و أزعجه [1] عن بلده؛ فإن رأى أمير المؤمنين أن يدعو به من الحبس بحضرتنا في هذه الليلة و يسأله عن ذلك!فأمر المنصور بإحضاره و سأله عن القصة، فقال:
يا أمير المؤمنين، قدمنا أرض النوبة و قد خبّر الملك بأمرنا، فدخل عليّ رجل أقنى [2] الأنف طوال حسن الوجه فقعد على الأرض و لم يقرب الثياب، فقلت: ما يمنعك أن تقعد على ثيابنا؟ قال: لأني ملك، و يحق على الملك أن يتواضع لعظمة اللّه إذ رفعه اللّه!ثم قال لأي شيء تشربون الخمر و هي محرمة عليكم؟ قلت: اجترأ على ذلك عبيدنا و غلماننا و أتباعنا، لأن الملك قد زال عنا.
قال: فلم تطئون الزروع بدوابكم و الفساد محرم عليكم في كتابكم؟ قلت: يفعل ذلك عبيدنا و أتباعنا بجهلهم.
قال: فلم تلبسون الديباج و الحرير و تستعملون الذهب و الفضة و ذلك محرّم عليكم؟