نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 5 صفحه : 165
و من غير رواية أبي عبيد قال: لما نصب الحجاج المجانيق لقتال عبد اللّه بن الزبير، أظلتهم سحابة فأرعدت و أبرقت و أرسلت الصواعق؛ ففزع الناس و أمسكوا عن القتال، فقام فيهم الحجاج فقال: أيها الناس، لا يهولنّكم هذا؛ فإني أنا الحجاج ابن يوسف و قد أصحرت [1] لربي، فلو ركبنا عظيما لحال بيننا و بينه و لكنها جبال تهامة لم تزل الصواعق تنزل بها. ثم أمر بكرسي فطرح له، ثم قال: يا أهل الشام، قاتلوا على أعطيات أمير المؤمنين. فكان أهل الشام إذا رموا الكعبة يرتجزون و يقولون هذا:
خطّارة مثل الفنيق المزبد # يرمى بها عواذ أهل المسجد [2]
و يقولون أيضا: درّي عقاب [3] ، بلبن و أشخاب [4] . فلما رأى ذلك ابن الزبير خرج إليهم بسيفه فقاتلهم حينا، فناداه الحجاج: ويلك يا بن ذات النطاقين!اقبل الأمان و ادخل في طاعة أمير المؤمنين، فدخل على أمه أسماء، فقال لها: سمعت رحمك اللّه ما يقول القوم، و ما يدعونني إليه من الأمان؟قالت: سمعتهم لعنهم اللّه، فما أجهلهم و اعجب منهم إذ يعيّرونك بذات النطاقين؛ و لو علموا ذلك لكان ذلك أعظم فخرك عندهم. قال: و ما ذاك يا أماه؟ قالت: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم في بعض أسفاره مع أبي بكر فهيأت لهما سفرة، فطلبا شيئا يربطانها بها فما وجداه، فقطعت من مئزري لذلك ما احتاجا إليه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: أما إن لك به نطاقين في الجنة! فقال عبد اللّه: الحمد للّه حمدا كثيرا، فما تأمريني به، فإنهم قد أعطوني الأمان؟ قالت: أرى أن تموت كريما و لا تتبع فاسقا لئيما، و أن يكون آخر نهارك أكرم من أوّله.