نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 5 صفحه : 116
نجيّ لا يزال يعد ذنبا # لتقطع وصل حبلك من حبالي [1]
فيوشك أن يريحك من أذاتي # نزولي في المهالك و ارتحالي
و تجهز للخروج، فلم يتخلف عنه أحد، حتى كان فيمن خرج أبو أيوب الأنصاري صاحب النبي صلّى اللّه عليه و سلم.
قال العتبي: و حدثني أبو إبراهيم قال: أرسل معاوية إلى ابن عباس، قال: يا أبا العباس، إن أحببت خرجت مع ابن أخيك فيأنس بك و يقرّبك، و تشير عليه برأيك؛ و لا يدخل الناس بينك و بينه فيشغلوا كل واحد منكما عن صاحبه؛ و أقلّ من ذكر حقك، فإنه إن كان لك فقد تركته لمن هو أبعد منا حبا، و إن لم يكن لك فلا حاجة بك إلى ذكره، مع أنه صائر إليك، و كل آت قريب، و لتجدنّا إذا كان ذلك خيرا لكم منا.
فقال ابن عباس: و اللّه لئن عظمت عليك النعمة في نفسك لقد عظمت عليك في يزيد، و أما ما سألتني من الكف عن ذكر حقي، فإني لم أغمد سيفي و أنا أريد أن أنتصر بلساني. و لئن صار هذا الأمر إلينا ثم وليكم من قومي مثلي كما ولينا من قومك مثلك، لا يرى أهلك إلا ما يحبون.
قال: فخرج يزيد، فلما صار على الخليج [2] ثقل أبو أيوب الأنصاري فأتاه يزيد عائدا، فقال: ما حاجتك أبا أيوب؟فقال: أما دنياكم فلا حاجة لي فيها، و لكن قدّمني ما استطعت في بلاد العدو، فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقول: «يدفن عند سور القسطنطينية رجل صالح؛ أرجو أن أكون هو!... » .
فلما مات أمر يزيد بتكفينه، و حمل على سريره، ثم أخرج الكتائب، فجعل قيصر يرى سريرا يحمل و الناس يقتتلون فأرسل إلى يزيد: ما هذا الذي أرى؟