نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 4 صفحه : 97
المدائني قال: قام عمرو بن العاص في موسم من مواسم العرب، فأطرى معاوية بن أبي سفيان و بني أميّة، و تناول بني هاشم، و ذكر مشاهده بصفّين، و اجتمعت قريش، فأقبل عبد اللّه بن عباس على عمرو، فقال.
يا عمرو، إنك بعت دينك من معاوية، و أعطيته ما بيدك، و منّاك ما بيد غيره فكان الذي أخذ منك أكثر من الذي أعطاك، و الذي أخذت منه دون الذي أعطيته، و كلّ راض بما أخذ و أعطى، فلما صارت مصر في يدك كدّرها عليك بالعدل و التنقص، و ذكرت مشاهدك بصفّين، فو اللّه ما ثقلت علينا يومئذ وطأتك و لقد كشفت فيها عورتك، و إن كنت فيها لطويل اللسان، قصير السنان آخر الخيل إذا أقبلت، و أولها إذا أدبرت، لك يدان، يد لا تبسطها إلى خير، و أخرى لا تقبضها عن شر، و لسان غادر ذو وجهين، و وجهان وجه موحش و وجه مؤنس، و لعمري إن من باع دينه بدنيا غيره لحريّ أن يطول عليها ندمه، لك بيان و فيك خطل، [1] و لك رأي و فيك نكد، و لك قدر و فيك حسد، و أصغر عيب فيك أعظم عيب في غيرك.
فأجابه عمرو بن العاص: و اللّه ما في قريش أثقل عليّ مسألة، و لا أمرّ جوابا منك، و لو استطعت أن لا أجيبك لفعلت، غير أني لم أبع ديني من معاوية، و لكن بعت اللّه نفسي و لم أنس نصيبي من الدنيا، و أما ما أخذت من معاوية و أعطيته، فإنه لا تعلّم العوان [2] الخمرة، و أما ما اتى إلى معاوية في مصر فإن ذلك لم يغيّرني له، و أما خفة وطأتي عليكم بصفين فلما استثقلتم حياتي، و استبطأتم و فاتي، و أما الجبن، فقد علمت فريش أني أول من يبارز، و آخر من ينازل و أما طول لساني فإني كما قال هشام بن الوليد لعثمان بن عفان رضي اللّه عنه:
لساني طويل فاحترس من شذاته # عليك و سيفي من لساني أطول [3]