نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 3 صفحه : 279
المكان قال لنا: أيّ الأمم أعقل؟فنظر بعضنا إلى بعض؛ فقلنا: لعله أراد أصله من فارس. فقلنا: فارس. فقال: ليسوا بذلك؛ إنهم ملكوا كثيرا من الأرض، و وجدوا عظيما من الملك، و غلبوا على كثير من الخلق، و لبث فيهم عقد الأمر؛ فما استنبطوا شيئا بعقولهم، و لا ابتدعوا باقي حكم بنفوسهم. قلنا: فالروم. قال: أصحاب صنعة. قلنا:
فالصين. قال: أصحاب طرفة. قلنا: الهند. قال: أصحاب فلسفة. قلنا: السودان.
قال: شر خلق اللّه. قلنا: الترك. قال: كلاب ضالة. قلنا: الخزر. قال: بقر سائمة.
قلنا: فقل. قال: العرب. قال: فضحكنا.
قال: أما إني ما أردت موافقتكم، و لكن إذا فاتني حظي من النسبة، فلا يفوتني حظي من المعرفة؛ إن العرب حكمت على غير مثال مثل لها، و لا آثار أثرت؛ أصحاب إبل و غنم، و سكان شعر و أدم؛ يجود أحدهم بقوته، و يتفضل بمجهوده، و يشارك في ميسوره و معسوره، و يصف الشيء بعقله فيكون قدوة، و يفعله فيصير حجة، و يحسّن ما شاء فيحسن، و يقبّح ما شاء فيقبح؛ أدّبتهم أنفسهم، و رفعتهم هممهم، و أعلتهم قلوبهم و ألسنتهم؛ فلم يزل حباء اللّه فيهم و حباؤهم في أنفسهم، حتى رفع لهم الفخر، و بلغ بهم أشرف الذكر، و ختم لهم بملكهم الدنيا على الدهر، و افتتح دينه و خلافته بهم إلى الحشر على الخير فيهم و لهم؛ فقال تعالى: إِنَّ اَلْأَرْضَ لِلََّهِ يُورِثُهََا مَنْ يَشََاءُ مِنْ عِبََادِهِ وَ اَلْعََاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ[1] فمن وضع حقهم خسر، و من أنكر فضلهم خصم؛ و دفع الحق باللسان أكبت للجنان.
ذو الرمة و عبد أسود:
ذكر الأصمعي عن ذي الرمة قال: رأيت عبدا أسود لبني أسد قدم علينا من شق اليمامة، و كان وحشيا؛ لطول تغرّبه في الإبل، و ربما كان لقي الأكرة [2] فلا يفهم عنهم و لا يستطيع إفهامهم، فلما رآني سكن إليّ، ثم قال لي: يا غيلان، لعن اللّه بلادا ليس فيها عربيّ، و قاتل اللّه الشاعر حيث يقول: