من رثى ابنة
قال البحتري في ابنة لأحد بني حميد:
ظلم الدهر فيكم و أساء # فعزاء بني حميد عزاء
أنفس ما تزال تفقد فقدا # و صدور ما تبرح البرحاء
أصبح السيف داءكم و هو الدا # ء الذي ما يزال يعني الدواء
و انتحى القتل فيكم فبكينا # بدماء الدموع تلك الدّماء
يا أبا القاسم المقسّم في النّجـ # دة و الجود و النّدي أجزاء
و الهزبر الذي دارت الحر # ب به صرّف الرّدى كيف شاء [1]
الأسى واجب على الحرّ إما # نية حرّة و إما رياء
و سفاه أن يجزع الحرّ مما # كان حتما على العباد قضاء
أ نبكّي من لا ينازل بالسيـ # ف مشيحا و لا يهزّ اللّواء [2]
و الفتى من رأى القبور لمن طا # ف به من بناته الأكفاء
ليس من زينة الحياة كعدّ # اللّه منها الأموال و الابناء
قد ولدن الأعداء قدما و ورّثـ # ن التّلاد الأقاصي البعداء
لم يئد تربهنّ قيس تميم # علّة بل حمية و إباء
و تغشّي مهلهل الذلّ فيـ # هنّ و قد أعطي الأديم حباء
و شقيق بن فاتك حذر العا # ر عليهنّ فارق الدّهناء
و على غيرهنّ أحزن يعقو # ب و قد جاءه بنوه عشاء
و شعيب من أجلهنّ رأى الوحـ # دة ضعفا فاستأجر الأنبياء
و تلفّت إلى القبائل فانظر # أمّهات ينسبن أم آباء
و استزلّ الشيطان آدم في الجـ # نّة لمّا أغرى به حوّاء
و لعمري ما العجز عندي إلا # أن تبيت الرجال تبكي النساء
[1] الهزبر: الأسد الكاسر.
[2] المشيح: المانع لما وراء ظهره.