نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 3 صفحه : 107
و قال صلّى اللّه عليه و سلم: «ما من راع يبيت غاشّا لرعيته إلا حرّم اللّه عليه رائحة الجنة. و حقيق على الوالي أن يكون لرعيته ناظرا، و لما استطاع من عوراتهم ساترا، و بالحق فيهم قائما، فلا يتخوّف محسنهم رهقا، و لا مسيئهم عدوانا. فقد كانت بيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم جريدة يستاك [1] بها و يردع عنه المشركين بها، فأتاه جبريل فقال: يا محمد، ما هذه الجريدة التي معك!اتركها لا تملأ قلوبهم رعبا!فما ظنك بمن سفك دماءهم، و قطع أستارهم، و نهب أموالهم!» يا أمير المؤمنين، إنّ المغفور له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخر دعا إلى القصاص من نفسه بخدش خدشه أعرابيا لم يتعمده؛ فقال جبريل: يا محمد، إنّ اللّه لم يبعثك جبارا تكسر قرون أمتك. و اعلم يا أمير المؤمنين أن كل ما في يدك لا يعدل شربة من شراب الجنة، و لا ثمرة من ثمارها؛ و لو أن ثوبا من ثياب أهل الناس علق بين السماء و الأرض لأهلك الناس رائحته، فكيف بمن يتقمّصه!و لو أن ذنوبا [2] من صديد أهل النار صبّ على ماء الدنيا لأحمّه [3] ، فكيف بمن يتجرّعه! و لو أن حلقة من سلاسل جهنم وضعت على جبل لأذابته؛ فكيف بمن يسلك فيها؛ و يردّ فضلها على عاتقه.
كلام أبي حازم لسليمان بن عبد الملك
حج سليمان بن عبد الملك؛ فلما قدم المدينة للزيارة بعث إلى أبي حازم الأعرج و عنده ابن شهاب. فلما دخل قال: تكلم يا أبا حازم. قال: فيم أتكلم يا أمير المؤمنين؟ قال: في المخرج من هذا الأمر. قال: يسير إن أنت فعلته. قال: و ما ذاك؟قال: لا تأخذ الأشياء إلا من حلّها، و لا تضعها إلا في أهلها. قال: و من يقوى على ذلك؟