فأجابه محمد بن يزيد بن مسلمة، و كان من أصحابه و آثرهم عنده، ثم اعتذر إليه و زعم أنه لم يدعه إلى إجابته إلا قوله:
من يسامي مجده قولوا
فأمر له بمائة ألف و زاده أثرة و منزلة:
لا يرعك القال و القيل # كلّ ما بلّغت تضليل
ما هوى لي كنت أعرفه # بهوى غيرك موصول
أ يخون العهد ذو ثقة # لا يخون العهد متبول [1]
حمّلتني كلّ لائمة # كلّ ما حمّلت محمول
و احكمي ما شئت و احتكمي # فحرامي لك تحليل
أين لي عنك إلى بدل # لا بديل منك مقبول
ما لداري منك مقفرة # و ضميري منك مأهول
و بدت يوم الوداع لنا # غادة كالشمس عطبول [2]
تتعاطى شدّ مئزرها # و نطاق الخصر محلول
شملنا إذ ذاك مجتمع # و جناح البين مشكول [3]
ثم ولّت كي تودّعنا # كحلها بالدمع مغسول
أيّها البادي بطيّته # ما لأغلاطك تحصيل
قد تأوّلت على جهة # و لنا ويحك تأويل
إنّ دلّيلاك يوم غدا # بك في الحين لضلّيل
قاتل المخلوع مقتول # و دم القاتل مطلول
قد يخون الرّمح عامله # و سنان الرّمح مصقول
و ينال الوتر طالبه # بعد ما تسلوا المثاكيل [4]
[1] المتبول: الذي أسقمه الحبّ.
[2] العطبول: المرأة الفتية الجميلة الممتلئة الطويلة العنق.
[3] مشكول: مقيّد.
[4] الوتر: الثأر، و تسلو المثاكيل: أي تكون قد هدأت و سكنت بمرور الزمن.