و إذا أديم الوجه أخلقه البلى # لم ينتفع فيه بحسن خضاب
ما ذا ترى يجدي عليك سواده # و خلاف ما يرضيك تحت ثيابي
ما الشيب عندي و الخضاب لواصف # إلاّ كشمس جلّلت بسحاب
تخفي قليلا ثم يقشعها الصّبا # فيصير ما سترت به لذهاب
و من قولنا في هذا المعنى:
أصمّم في الغواية أم أنابا # و شيب الرأس قد أنضى الشّبابا [1]
إذا نصل الخضاب بكى عليه # و يضحك كلما وصل الخضابا [2]
كأنّ حمامة بيضاء ظلّت # تقاتل في مفارقه غرابا
فضيلة الشيب
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «من شاب شيبة في الإسلام كان له نورا يوم القيامة» .
و قال ابن أبي شيبة: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عن نتف الشيب و قال: «هو نور المؤمن» .
و قالوا: أول من رأى الشيب إبراهيم خليل الرحمن، فقال: يا ربّ، ما هذا؟قال له: هذا الوقار. قال: ربّ زدني وقارا.
و قال أبو نواس:
يقولون في الشّيب الوقار لأهله # و شيبي بحمد اللّه غير وقار
و قال غيره:
يقولون هل بعد الثّلاثين ملعب # فقلت و هل قبل الثلاثين ملعب
لقد جلّ قدر الشّيب إن كان كلّما # بدت شيبة يعرى من اللّهو مركب
أبو دلف و المأمون:
دخل أبو دلف على المأمون، و عنده جارية[له]، و قد ترك الخضاب أبو دلف،
[1] أنضى الشباب: خلعه.
[2] نصل الخضاب: تغيّر لونه و فسد.