إذا ما مات ميت من تميم # و سرّك أن يعيش فجىء بزاد
بخبز أو بتمر أو بسمن # أو الشّيء الملفّف في البجاد [1]
تراه يطوف في الآفاق حرصا # ليأكل رأس لقمان بن عاد
ما هذا الشيء الملفف في البجاد؟قال الأحنف: السخينة [2] يا أمير المؤمنين. قال معاوية: واحدة بأخرى و البادي أظلم.
السخينة: طعام كانت تعمله قريش من دقيق، و هو الحريرة، فكانت تسبّ به؛ و فيه يقول حسان بن ثابت:
زعمت سخينة أن ستغلب ربّها # و ليغلبنّ مغالب الغلاّب
و قال آخر:
تعشوا من حريرتهم فناموا
و لما عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص عن مصر و ولاّها ابن أبي سرح دخل عمرو على عثمان و عليه جبة محشوّة، فقال له عثمان: ما حشو جبتك يا عمرو؟قال:
أنا. قال: قد علمت أنك فيها. ثم قال له: يا عمرو، أشعرت أن اللّقاح [3] درّت بعدك ألبانها؟فقال: لأنكم أعجفتم [4] أولادها.
فكنّى عثمان عن خراج مصر باللّقاح، و كنّى عمرو عن جور الوالي بعده و أنه حرم الرزق أهل العطاء و وفّره على السلطان، بالإعجاف.
و كان في المدينة رجل يسمى جعدة، يرجّل شعره و يتعرّض للنساء المعزبات، فكتب رجل من الأنصار كان في الغزو إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه:
ألا أبلغ أبا حفص رسولا # فدى لك من أخي ثقة إزاري
قلائصنا هداك اللّه إنّا # شغلنا عنكم زمن الحصار
[1] البجاد: الثوب المخطط.
[2] السخينة: طعام حارّ.
[3] اللقاح: المنتجة من الإبل و غيرها
[4] أعجفتم: أجعتم.