و أحسن من هذا عندي قول حبيب:
فأثبت في مستنقع الموت رجله # و قال لها من تحت أخمصك الحشر
تردّى ثياب الموت حمرا فما أتى # لها الليل إلا و هي من سندس خضر
و أحسن من هذا قوله:
يستعذبون مناياهم كأنهم # لا يخرجون من الدنيا إذا قتلوا
و قوله في المعنى:
قوم إذا لبسوا الحديد حسبتهم # لم يحسبوا أنّ المنيّة تخلق
انظر بحيث ترى السّيوف لوامعا # أبدا و فوق رءوسهم تتألّق
و قال الجحّاف بن حكيم:
شهدن مع النبيّ مسوّمات # حنينا و هي دامية الحوامي [1]
و وقعة راهط شهدت و حلّت # سنابكهنّ بالبلد الحرام
تعرّض للطّعان إذا التقينا # خدودا لا تعرّض للّطام
أخذه من قولهم: ضربة بسيف في عزّ، خير من لطمة في ذلّ.
و من أحسن ما وصفت به رجال الحرب قول الشاعر [2] :
رويدا بني شيبان بعض و عيدكم # تلاقوا غدا خيلي على سفوان [3]
تلاقوا رجالا لا تحيد عن الوغى # إذا الخيل جالت في فنا الميدان
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم # لأيّة أرض أو لأيّ مكان
و نظير هذا قول الآخر:
قوم إذا نزل الغريب بدارهم # تركوه ربّ صواهل و قيان [4]
[1] المسوّمات: المعارك. و الحوامي: ميامن الحافر و مياسره.
[2] هو وداك بن نميل المازني.
[3] سفوان: هبوب و عجل، و السافنة الريح التي تهبّ على وجه الأرض.
[4] أي تركوه صاحب خيل و عبيد، كناية عن إغنائهم إيّاه.