نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 97
قال له: جرّأت عليّ الناس يا بن اللّخناء!قال: و اللّه ما ألقيت لها بالا أيها الأمير إلا وقتي هذا.
عاصم بن الحدثان و الفرزدق
و كان عاصم بن الحدثان عالما ذكيّا، و كان رأس الخوارج بالبصرة، و ربما جاء الرسول منهم من الجزيرة يسأله عن الأمر يختصمون فيه، فمرّ به الفرزدق، فقال لابنه: أنشد أبا فراس، فأنشده:
و هم إذا كسروا الجفون أكارم # صبر و حين تحلّل الأزرار [1]
يغشون حومات المنون و إنّها # في اللّه عند نفوسهم لصغار
يمشون بالخطّيّ لا يثنيهم # و القوم إن ركبوا الرماح تجار [2]
فقال له الفرزدق: ويحك!اكتم هذا لا يسمعه النساجون فيخرجوا علينا بحفوفهم [3] فقال أبوه: هو شاعر المؤمنين و أنت شاعر الكافرين.
و نظير هذا مما يشجّع الجبان قول عنترة الفوارس:
بكرت تخوّفني الحتوف كأنّني # أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل [4]
فأجبتها: إنّ المنيّة منهل # لا بدّ أن أسقي بكأس المنهل
فاقني حياءك لا أبا لك و اعلمي # أنّي امرؤ سأموت إن لم أقتل [5]
و من أحسن ما قالوه في الصبر، قول نهشل بن حريّ بن ضمرة النهشليّ:
و يوم كأنّ المصطلين بحرّه # و إن لم تكن نار وقوف على جمر [6]
صبرنا له حتى يبوخ، و إنما # تفرّج أيام الكريهة بالصّبر [7]
[1] الجفون: الأغماد، و كسر الجفون و حلّ الأزرار كناية عن الاستعداد و النهوض للحرب.
[2] الخطّيّ: الرماح منسوبة إلى الخطّ. و تجار: يمارسون البيع و الشراء، أي يقتلون و يقتلون.