مقام مقال، و لكل زمان رجال و الحرب بين الناس سجال [1] ، و الرأي فيها أبلغ من القتال.
قال عمر بن الخطاب لعمرو بن معد يكرب: صف لنا الحرب. قال: مرّة المذاق، إذا كشفت عن ساق؛ من صبر فيها عرف، و من نكل عنها تلف، ثم أنشأ يقول:
الحرب أوّل ما تكون فتيّة # تسهى بزينتها لكلّ جهول
حتى إذا حميت و شبّ ضرامها # عادت عجوزا غير ذات خليل [2]
شمطاء جزّت رأسها و تنكّرت # مكروهة للشّمّ و التقبيل [3]
و قيل لعنترة الفوارس: صف لنا الحرب. فقال: أوّلها شكوى، و أوسطها نجوى، و آخرها بلوى.
و قال الكميت:
و الناس في الحرب شتّى و هي مقبلة # و يستوون إذا ما أدبر القبل
كلّ بأمسيّها طبّ مولّية # و العالمون بذي غدويها قلل [4]
و قال نصر بن سيار صاحب خراسان يصف الحرب و مبتدأ أمرها:
أرى خلل الرّماد وميض نار # و يوشك أن يكون له ضرام
فإنّ النّار بالعودين تذكى # و إنّ الحرب أولها الكلام
من حكمة لسليمان
و في حكمة سليمان بن داود عليهما السلام: الشر حلو أوله، مرّ آخره.
للعرب
و العرب تقول: الحرب غشوم؛ لأنها تنال غير الجاني.
[1] سجال: مداورة.
[2] شبّ ضرامها: اتقد لهبها.
[3] الشمطاء: التي خالط سواد شعرها البياض.
[4] طبّ: خبير و عالم، و غدوّتها: أي ما يحمله الغد، و قلل: أي قلّة.