نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 61
خالد بهم: يا بني حنيفة، بعدا لكم كما بعدت عاد و ثمود. [1] أما و اللّه لقد أنبأتكم بالأمر قبل وقوعه، كأنّي أسمع جرسه و أبصر غيبه، و لكنكم أبيتم النصيحة فاجتنيتم الندامة. و إنّي لمّا رأيتكم تتهمون النّصيح و تسفّهون الحليم، استشعرت منكم اليأس و خفت عليكم البلاء. و اللّه ما منعكم اللّه التوبة و لا أخذكم على غرّة، [2] و لقد أمهلكم حتى ملّ الواعظ و وهن الموعوظ، و كنتم كأنما يعنى بما أنتم فيه غيركم، فأصبحتم و في أيديكم من تكذيبي التصديق، و من نصيحتي الندامة؛ و أصبح في يدي من هلاككم البكاء، و من ذلّكم الجزع. و أصبح ما فات غير مردود، و ما بقي غير مأمون.
و قال القطاميّ في هذا المعنى:
و معصية الشّفيق عليك ممّا # يزيدك مرّة منه استماعا
و خير الأمر ما استقبلت منه # و ليس بأن تتبّعه اتّباعا
كذاك و ما رأيت الناس إلا # إلى ما جرّ غاويهم سراعا
تراهم يغمزون من استركّوا # و يجتنبون من صدق المصاعا [3]
و كان يقال: لا تستشر معلما و لا حائكا و لا راعي غنم و لا كثير القعود مع النساء.
و أنشد في المعلمين:
و كيف يرجّى العقل و الرأي عند من # يروح إلى أنثى و يغدو إلى طفل
و كان يقال: لا تشاور صاحب حاجة يريد قضاءها.
و كان يقال: لا رأي لحاقن و لا حازق: و هو الذي ضغطه الخف. و لا الحاقب و هو الذي يجد رزّا في بطنه.
و ينشد في الرأي بعد فوته:
و عاجز الرأي مضياع لفرصته # حتى إذا فات أمر عاتب القدرا