نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 44
عمرو أبو موسى الأشعري و أبو هريرة و الحارث
و لما عزل عمر أبا موسى الأشعريّ عن البصرة و شاطره ماله و عزل أبا هريرة عن البحرين و شاطره ماله، و عزل الحارث بن كعب بن وهب و شاطره ماله، دعا أبا موسى فقال له: ما جاريتان بلغني أنهما عندك، إحداهما تدعى عقيلة و الأخرى من بنات الملوك؟قال: أما عقيلة فجارية بيني و بين الناس، و أما التي هي من بنات الملوك فإني أردت بها غلاء الفداء. قال: فما جفنتان تعملان عندك؟قال: رزقي شاة في كل يوم، فيعمل نصفها غدوة و نصفها عشية. قال: فما مكيالان بلغني أنهما عندك؟قال: أمّا أحدهما فأوفّي أهلي به و ديني، و أمّا الآخر فيتعامل الناس به. قال:
ادفع لنا عقيلة، و اللّه إنك لمؤمن لا تغلّ أو فاجر مبلّ [1] ؛ ارجع إلى عملك عاقصا بقرنك مكتسعا بذنبك [2] ؛ و اللّه إن بلغني عنك أمر لم أعدك.
ثم دعا أبا هريرة فقال له: هل علمت من حين أني استعملتك على البحرين و أنت بلا نعلين، ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف دينار و ستمائة دينار؟قال: كانت لنا أفراس تناتجت. و عطايا تلاحقت. قال قد حسبت لك رزقك و مئونتك و هذا فضل فأدّه. قال: ليس لك ذلك. قال: بلى و اللّه و أوجع ظهرك!ثم قام إليه بالدّرّة فضربه حتى أدماه، ثم قال: ائت بها. قال: احتسبتها عند اللّه. قال: ذلك لو أخذتها من حلال و أديتها طائعا، أ جئت من أقصى حجر بالبحرين يجبي [3] الناس لك لا للّه و لا للمسلمين؟ما رجعت بك أميمة إلا لرعية الحمر. و أميمة أم أبي هريرة.
و في حديث أبي هريرة قال: لما عزلني عمر عن البحرين قال لي: يا عدوّ اللّه و عدوّ كتابه، سرقت مال اللّه؟قال: فقلت: ما أنا عدوّ اللّه و لا عدوّ كتابه، و لكني عدوّ من عاداهما، و ما سرقت مال اللّه. قال: فمن أين اجتمعت لك عشر آلاف؟قلت:
[1] لا تغل: لا تخون، و المبلّ الخبيث الداهية أو الغالب بحجته.
[2] القرن: من الشعر، و عقصه: عقده و الاكتساع بالذّنب: إدخاله بين الأرجل و أراد بالعبارتين: الذلة و المهانة.