responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 1  صفحه : 334

فتى العرب، فسلّمنا فردّ، ثم قال: ما بلغكم أن إمامكم لا يقبل الشعر؟قلنا: ما توضّح إلينا خبر حتى انتهينا إليك. و وجمنا وجمة عرف ذلك فينا. فقال: إن يك ذو دين بني مروان قد وليّ و خشيتم حرمانه، فإن ذا دنيانا قد بقي، و لكم عندي ما تحبون، و ما ألبث حتى أرجع إليكم و أمنحكم ما أنتم أهله.

فلما قدم كانت رحالنا عنده بإكرام منزول عليه؛ فأقمناه عنده أربعة أشهر يطلب لنا الإذن هو و غيره، فلا يؤذن لنا؛ إلى أن قلت في جمعة من تلك الجمع لو أني دنوت من عمر فسمعت كلامه فحفظته، كان ذلك رأيا. ففعلت، فكان مما حفظت من كلامه: «لكل سفر زاد لا محالة، فتزوّدوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة بالتقوى، و كونوا كمن عاين ما أعدّ اللّه له من ثوابه أو عقابه، فترغبوا و ترهبوا، و لا يطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم و تنقادوا لعدوّكم في كلام كثير لا أحفظه، ثم قال:

«أعوذ باللّه أن آمركم بما أنهى عنه نفسي، فتخسر صفقتي، و تظهر عيلتي، و تبدو مسكنتي، في يوم لا ينفع فيه إلا الحق و الصدق» !ثم بكى حتى ظننت أنه قاض نحبه، و ارتجّ المسجد و ما حوله بالبكاء، و انصرفت إلى صاحبيّ فقلت لهما: خذا في شرج‌ [1] من الشّعر غير ما كنا نقول لعمر و آبائه؛ فإن الرجل آخريّ و ليس بدنيوي.

إلى أن استأذن لنا مسلمة في يوم جمعة بعد ما أذن للعامة. فلما دخلت سلّمت ثم قلت: يا أمير المؤمنين، طال الثّواء و قلّت الفائدة، و تحدّث بجفائك إيانا وفود العرب.

قال: يا كثيّر، إِنَّمَا اَلصَّدَقََاتُ لِلْفُقَرََاءِ وَ اَلْمَسََاكِينِ وَ اَلْعََامِلِينَ عَلَيْهََا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقََابِ وَ اَلْغََارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اَللََّهِ وَ اِبْنِ اَلسَّبِيلِ [2] أ في واحد من هؤلاء أنت؟ قلت: بلى، ابن سبيل منقطع به، و أنا صاحبك. قال: أ لست صاحب أبي سعيد؟ قلت: بلى، قال: ما أرى ضيف أبي سعيد منقطعا به. قلت: يا أمير المؤمنين، أ تأذن لي في الإنشاد؟قال: نعم، و لا تقل و لا تقل إلا حقا. فقلت:

و ليت فلم تشتم عليّا و لم تخف # بريّا و لم تقبل إشارة مجرم


[1] الشرج: الضرب و اللون.

[2] سورة التوبة الآية 60.

نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست