قد أراني هناك دهرا مكينا # عند ذي التاج مقعدي و مكاني
و دنا الفصح فالولائد ينظمـ # ن سراعا أكلّة المرجان
لم يعلّلن بالمغافر و الصّمـ # غ و لا نقف حنظل الشّريان [2]
قال: فبكى حتى جعلت الدموع تسيل على لحيته؛ ثم قال: أ تدري من قائل هذا؟ قلت: لا أدري. قال: حسان بن ثابت. ثم أنشأ يقول:
تنصّرت الأشراف من عار لطمة # و ما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنّفني منها لجاج و نخوة # و بعت لها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني و ليتني # رجعت إلى الأمر الذي قال لي عمر
و يا ليتني أرعى المخاض بقفرة # و كنت أسيرا في ربيعة أو مضر
و يا ليت لي بالشام أدنى معيشة # أجالس قومي ذاهب السمع و البصر
ثم سألني عن حسان: أ حيّ هو؟قلت: نعم، تركته حيّا. فأمر لي بكسوة و مال و نوق موقرة برّا. ثم قال لي: إن وجدته حيّا فادفع إليه الهدية و أقرئه سلامي، و إن وجدته ميتا فادفعها إلى أهله و انحر الجمال على قبره.
فلما قدمت على عمر أخبرته خبر جبلة و ما دعوته إليه من الإسلام و الشرط الذي شرطه و أني ضمنت له التزويج و لم أضمن له الإمرة، فقال: هلا ضمنت له الإمرة؛ فإذا أفاء اللّه به إلى الإسلام قضى عليه بحكمه عز و جل.