نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 220
قال فضحك المهدي و قال: فما تريد أن أعينك به في تربيتها أبا دلامة؟قال: تملأ هذه يا أمير المؤمنين. و أشار إليه بالخريطة بين إصبعيه. فقال المهدي: و ما عسى أن تحمل هذه؟قال: من لم يقنع بالقليل لم يقنع بالكثير. فأمر أن تملأ مالا، فلما نشرت أخذت عليهم صحن الدار، فدخل فيها أربعة آلاف درهم.
و كان المهدي قد كسا أبا دلامة ساجا [1] ، فأخذ به و هو سكران، فأتي به إلى المهدي؛ فأمر بتمزيق الساج عليه و أن يحبس في بيت الدّجاج؛ فلما كان في بعض الليل و صحا أبو دلامة من سكره و رأى نفسه بين الدّجاج، صاح: يا صاحب البيت! فاستجاب له السجان، قال: مالك يا عدوّ اللّه؟قال: ويلك!من أدخلني مع الدّجاج؟ قال: أعمالك الخبيثة!أتي بك أمير المؤمنين و أنت سكران، فأمر بتمزيق ساجك و حبسك مع الدّجاج. قال له: ويلك!أ و تقدر على أن توقد لي سراجا و تجيئني بدواة و ورق و لك سلبي [2] هذا. فأتاه بدواة و ورق؛ فكتب أبو دلامة إلى المهديّ:
أ من صهباء صافية المزاج # كأنّ شعاعها لهب السّراج
تهشّ لها النفوس و تشتهيها # إذا برزت ترقرق في الزّجاج
و قد طبخت بنار اللّه حتّى # لقد صارت من النّطف النّضاج [3]
أمير المؤمنين فدتك نفسي # علام حبستني و خرقت ساجي
أقاد إلى السجون بغير ذنب # كأنّي بعض عمّال الخراج
و لو معهم حبست لهان وجدي # و لكنّي حبست مع الدّجاج
دجاجات يطيف بهنّ ديك # ينادي بالصّياح إذا يناجي
و قد كانت تخبّرني ذنوبي # بأنّي من عذابك غير ناجي
على أنيّ و إن لاقيت شرّا # لخيرك بعد ذاك الشرّ راجي
ثم قال أوصلها إلى أمير المؤمنين. فأوصلها إليه السجّان، فلما قرأها أمر بإطلاقه