نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 70
إنك لاق غدا غواة بني الملكـ # اء فانظر ما أنت مزدهف
يمشون في البيض و الدروع كما # تمشي جمال مصاعب قطف [1]
فأبد سيماك يعرفوك كما # يبدون سيماهم فتعترف
و كان المقنع الكندي الشاعر، و اسمه محمد بن عمير، كان الدهر مقنعا.
و القناع من سيما الرؤساء. و الدليل على ذلك و الشاهد الصادق، و الحجة القاطعة، أن رسول اللّه صلى صلّى اللّه عليه و سلّم كان لا يكاد يرى إلا مقنّعا. و جاء في الحديث: «حتى كأن الموضع الذي يصيب رأسه من ثوبه ثوب دهان» .
و كان المقنع الذي خرج بخراسان يدّعي الربوبية، لا يدع القناع في حال من الحالات. و جهل بادعاء الربوبية من طريق المناسخة، فادعاها من الوجه الذي لا يختلف فيه الأحمر و الأسود، و المؤمن و الكافر، إن باطله مكشوف كالنهار. و لا يعرف في شيء من الملل و النحل القول بالتناسخ إلا في هذه الفرقة من الغالية. و هذا المقنع كان قصّارا من أهل مرو، و كان أعور ألكن.
فما أدري أيهما أعجب، أ دعواه بأنه رب، أو إيمان من آمن به و قاتل دونه؟! و كان اسمه عطاء.
[العمامة]
و قال الآخر:
إذا المرء أثرى ثم قال لقومه # أنا السيد المفضى إليه المعمّم
و لم يعطهم شيئا أبوا أن يسودهم # و هان عليهم رغمه و هو ألوم
و قال الآخر:
إذا كشف اليوم العماس عن استه # فلا يرتدي مثلي و لا يتعمم [2]
[1] المصاعب: الفحل الذي يودع من الركوب و العمل. القطف: الذي يقارب الخطو بسرعة.