نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 62
المرسلين، و كبار النبيين، لان الشعوبية قد طعنت في جملة هذا المذهب على قضيب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و عنزته، و على عصاه و مخصرته، و على عصا موسى، لأن موسى صلّى اللّه عليه و سلّم قد كان اتخذها من قبل أن يعلم ما عند اللّه فيها، و إلام يكون صيّور أمرها [1] . أ لا ترى أنه لما قال اللّه عز و جل: وَ مََا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يََا مُوسىََ ، قال: قََالَ هِيَ عَصََايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْهََا وَ أَهُشُّ بِهََا عَلىََ غَنَمِي وَ لِيَ فِيهََا مَآرِبُ أُخْرىََ . و بعد ذلك قال: قََالَ أَلْقِهََا يََا مُوسىََ. `فَأَلْقََاهََا فَإِذََا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعىََ . و من يستطيع أن يدّعي الإحاطة بما فيها من مآرب موسى إلا بالتقريب و ذكر ما خطر على البال؟!و قد كانت العصا لا تفارق يد سليمان بن داود عليه السلام في مقاماته و صلواته، و لا في موته و لا في أيام حياته، حتى جعل اللّه تسليط الأرضة عليها و سليمان ميّت و هو معتمد عليها، من الآيات عند من كان لا يعلم أن الجن لم تكن تعلم إلا ما تعلم الإنس.
و لو علم القوم أخلاق كل ملة، و زي أهل كل لغة و عللهم في ذلك، و احتجاجهم له، لقل شغبهم، و كفونا مئونتهم. هذه الرهبان تتخذ العصيّ، من غير سقم و لا نقصان في جارحة. و لا بد للجاثليق من قناع و من مظلة و برطلّة، و من عكّاز و من عصا، من غير أن يكون الداعي إلى ذلك كبرا و لا عجزا في الخلقة.
و ما زال المطيل القيام بالموعظة أو القراءة أو التلاوة يتخذ العصا عند طول القيام، و يتوكأ عليها عند المشي. كأن ذلك زائد في التكهل و الزمانة [2] ، و في نفي السخف و الخفة.