نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 3 صفحه : 312
أما بعد فإنّا نخبر أمير المؤمنين أنه لم يصب أرضنا وابل منذ كتبت أخبره عن سقيا اللّه إيانا، إلا ما بلّ وجه الأرض من الطشّ و الرش و الرذاذ [1] حتى دقعت الأرض و اقشعرّت و اغبرّت [2] ، و ثارت في نواحيها أعاصير تذرو دقاق الأرض من ترابها، و امسك الفلاحون بأيديهم من شدة الأرض و اعتزازها و امتناعها، و أرضنا أرض سريع تغيّرها، و شيك تنكّرها، سيّئ ظن أهلها عند قحوط المطر، حتى أرسل اللّه بالقبول يوم الجمعة [3] ، فأثارت زبرجا متقطّعا متمصّرا [4] ، ثم أعقبته الشّمال يوم السبت فطحطحت عنه جهامه [5] ، و ألفت متقطّعة، و جمعت متمصّرة، حتى انتضد فاستوى، و طما و طحا، و كان جونا مرثعنا [6] قريبا رواعده، ثم عادت عوائده بوابل منهمل منسجل [7] يردف بعضه بعضا، كلما أردف شؤبوب أردفته شآبيب [8] لشدة وقعه في العراص [9] .
و كتبت إلى أمير المؤمنين و هي ترمي بمثل قطع القطن، قد ملأ اليباب [10] ، و سد الشعاب، و سقي منها كل ساق. فالحمد للّه الذي أنزل غيثه، و نشر رحمته من بعد ما قنطوا، و هو الوليّ الحميد. و السلام.
و هذا أبقاك اللّه آخر ما ألّفناه من كتاب «البيان و التبيين» ، و نرجو أن نكون غير مقصّرين فيما اخترناه من صنعته، و أردناه من تأليفه. فإن وقع على الحال التي أردنا، و بالمنزلة التي أمّلنا، فذلك بتوفيق اللّه و حسن تأييده، و إن وقع بخلافها فما قصّرنا في الاجتهاد، و لكن حرمنا التوفيق. و اللّه سبحانه و تعالى أعلم.