فلو كان من بالقصر يعلم علمه # لما استعمل القبطي فينا على عمل
له حين يقضي للنساء تخاوص # و كان و ما فيه التخاوص و الحول [1]
إذا ذات دلّ كلمته بحاجة # فهمّ بأن يقضي تنحنح أو سعل
و برّق عينيه و لاك لسانه # يرى كلّ شيء ما خلا شخصها جلل
قال: فقال عبد الملك: أخزاه اللّه، و اللّه لربما جاءتني السعلة أو النحنحة و أنا في المتوضأ فأذكر قوله فأردها لذلك.
و زعم الهيثم بن عدي عن أشياخه، أن الشاعر لما قال في شهر بن حوشب:
لقد باع شهر دينه بخريطة # فمن يأمن القرّاء بعدك يا شهر
ما مسّ خريطة [2] حتى مات.
و قال رجل من بني تغلب، و كان ظريفا: ما لقي أحد من تغلب ما ألقى أنا!قلت: و كيف ذاك؟قال: قال الشاعر [3] :
لا تطلبنّ خئولة في تغلب # فالزّنج أكرم منهم أخوالا
لو أن تغلب جمّعت أحسابها # يوم التفاخر لم تزن مثقالا
تلقاهم حلماء عن أعدائهم # و على الصديق تراهم جهّالا
و التغلبيّ إذا تنحنح للقرى # حكّ استه و تمثّل الأمثالا
و اللّه إني لأتوهم أن لو نهشت استي الأفاعي ما حككتها.
[1] التخاوص: أن يغض من بصره شيئا.
[2] الخريطة: هنة مثل الكيس مصنوعة من الأدم و الخرق.
[3] الشاعر هو جرير بن الخطفي من قصيدة يهجو بها الأخطل و قومه.