وقف أعرابي على قوم يسألهم فأنشأ يقول:
هل من فتى عنده خفّان يحملني # عليهما إنني شيخ على سفر
أشكو إلى اللّه أهوالا أمارسها # من الصّداع وأنّي ي سيّئ البصر
إذا سرى القوم لم أبصر طريقهم # إن لم يكن عندهم ضوء من القمر
الأخفش قال: خرج أعرابي يطلب الصدقة و معه ابنتان له، فقالت ابنته لما رأت إمساك الناس عنه:
يا أيها الراكب ذو التّعريس # هل فيكم من طارد للبوس
عن ذي هداج بيّن التقويس [1] # بفضل سربال له دريس [2]
أو فاضل من زاده خسيس # أثابه الرحمن بالنفيس
و وقف سائل على الحسن فقال: رحم اللّه عبدا أعطى من سعة، أو آسى من كفاف، أو آثر من قلّة.
و قال الطائي:
فتى كلما فاضت عيون قبيلة # دما ضحكت عنه الأحاديث و الذكر
فتى مات بين الطعن و الضرب ميتة # تقوم مقام النصر إذ فاته النصر
و قال:
بكر إذا ابتسمت أراك وميضها # نور الأقاح برملة ميعاس
و إذا مشت تركت بصدرك ضعف ما # بحليّها من كثرة الوسواس [3]
قالت و قد حمّ الفراق فكأسه # قد خولط الساقي بها و الحاسي [4]
لا تنسين تلك العهود فإنما # سميت إنسانا لأنك ناسي
هدأت على تأميل أحمد همتي # و أطاف تقليدي به و قياسي
[1] الهداج: المضطرب في مشيته.
[2] الدريس: الخلق البالي.
[3] الوسواس: صوت الحلى و حديث النفس.
[4] حم الفراق: قدر.