responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 259

[الجاحظ بين الرواة و خادمه نفيس‌]

و قد أدركت رواة المسجديين و المربديين و من لم يرو أشعار المجانين و لصوص الأعراب، و نسيب الأعراب، و الأرجاز الأعرابية القصار، و أشعار اليهود، و الأشعار المنصفة [1] ، فإنهم كانوا لا يعدونه من الرواة. ثم استبردوا ذلك كله و وقفوا على قصار الحديث و القصائد، و الفقر و النتف من كل شي‌ء.

و لقد شهدتهم و ما هم على شي‌ء أحرص منهم على نسيب العباس بن الأحنف، فما هو إلا أن أورد عليهم خلف الأحمر نسيب الأعراب، فصار زهدهم في شعر العباس بقدر رغبتهم في نسيب الأعراب. ثم رأيتهم منذ سنيات، و ما يروي عندهم نسيب الأعراب إلا حدث السن قد ابتدأ في طلب الشعر، أو فتيانيّ متغزّل.

و قد جلست إلى أبي عبيدة، و الأصمعي، و يحيى بن نجيم، و أبي مالك عمرو ابن كركرة [2] مع من جالست من رواة البغداديين، فما رأيت أحدا منهم قصد إلى شعر في النسيب فأنشده. و كان خلف يجمع ذلك كله.

و لم أر غاية النحويين إلا كل شعر فيه أعراب. و لم أر غاية رواة الأشعار إلا كل شعر فيه غريب أو معنى صعب يحتاج إلى الاستخراج. و لم أر غاية رواة الأخبار إلا كل شعر فيه الشاهد و المثل. و رأيت عامتهم-فقد طالت مشاهدتي لهم-لا يقفون إلا على الألفاظ المتخيرة، و المعاني المنتخبة، و على الألفاظ العذبة و المخارج السهلة، و الديباجة الكريمة، و على الطبع المتمكن و على السبك الجيد، و على كل كلام له ماء و رونق، و على المعاني التي إذا صارت في الصدور عمرتها و أصلحتها من الفساد القديم، و فتحت للسان باب البلاغة، و دلت الأقلام على مدافن الألفاظ، و أشارت إلى حسان المعاني. و رأيت البصر


[1] الأشعار المنصفة هي التي أنصف فيها الشعراء اعداءهم و أنفسهم و صدقوا عنهم و عن أنفسهم.

[2] ابو مالك عمرو بن كركرة من عظام الرواة الذين لقيهم الجاحظ و أخذ عنهم في البصرة.

كان يعلم في البادية، و يحفظ لغة العرب.

نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 3  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست