responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 72

و قال أهل التجربة: إذا كان في اللحم الذي فيه مغارز الأسنان تشمير و قصر سمك‌ [1] ذهبت الحروف و فسد البيان. و إذا وجد اللسان من جميع جهاته شيئا يفرعه و يصكه، و لم يمر في هواء واسع المجال، و كان لسانه يملأ جوبة فمه، لم يضره سقوط أسنانه إلا بالمقدار المغتفر، و الجزء المحتمل. و يؤكد ذلك قول صاحب المنطق‌ [2] ، فإنه زعم في كتاب الحيوان أن الطائر و السبع و البهيمة كلما كان لسان الواحد منها أعرض كان أفصح و أبين، و أحكى لما يلقن و لما يسمع، كنحو الببغاء و الغداف و غراب البين، و ما أشبه ذلك، و كالذي يتهيأ من أفواه السنانير إذا تجاوبت، من الحروف المقطعة المشاركة لمخارج حروف الناس. و أما الغنم فليس يمكنها أن تقول إلا «ما» . و الميم و الباء أول ما يتهيأ في أفواه الأطفال، كقولهم: ماما، و بابا، لأنهما خارجان من عمل اللسان، و إنما يظهران بالتقاء الشفتين. و ليس شي‌ء من الحروف أدخل في باب النقص و العجز من فم الأهتم، من الفاء و السين إذا كانا في وسط الكلمة فأما الضاد فليست تخرج إلا من الشدق الأيمن، إلا أن يكون المتكلم أعسر يسرا، مثل عمر بن الخطاب رحمه اللّه، فإنه كان يخرج الضاد من أي شدقيه شاء. فأما الأيمن و الأعسر و الأضبط، فليس يمكنهم ذلك إلا بالاستكراه الشديد.

و كذلك الأنفاس مقسومة على المنخرين، فحالا يكون في الاسترواح و دفع البخار من الجوف من الشق الأيمن، و حالا يكون من الشق الأيسر، و لا يجتمعان على ذلك في وقت إلا أن يستكره ذلك مستكره، أو يتكلفه متكلف، فأما إذا ترك أنفاسه على سجيتها لم تكن إلا كما قالوا.

و قالوا: الدليل على أن من سقط جميع أسنانه أن عظم اللسان نافع له، قول كعب بن جعيل ليزيد بن معاوية، حين أمره بهجاء الأنصار، فقال له:


[1] التشمير: التقليص. و السمك، بالفتح: الارتفاع.

[2] صاحب المنطق يعني به الفيلسوف اليوناني أرسطو و قد لقب بصاحب المنطق لأنه هو الذي أرسى أصول هذا العلم و وضع فيه كتابا ضخما ذكره الجاحظ في الحيوان و قال إنه عسير الفهم. أما كتاب الحيوان لأرسطو فقد اطلع عليه الجاحظ و رجع إليه كثيرا عند ما ألف كتاب الحيوان.

نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست