نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 58
و قد ذكر الشاعر زيد بن جندب الإيادي، الخطيب الأزرقي، في مرثيته لأبي داود بن حريز الإيادي، حيث ذكره بالخطابة و ضرب المثل بخطباء إياد، فقال:
كقس إياد أو لقيط بن معبد # و عذرة و المنطيق زيد بن جندب
و زيد بن جندب هو الذي قال في الاختلاف الذي وقع بين الأزارقة:
قل للمحلين قد قرت عيونكم # بفرقة القوم و البغضاء و الهرب
كنا أناسا على دين ففرقنا # طول الجدال و خلط الجد باللعب
ما كان أغنى رجالا ضل سعيهم # عن الجدال و أغناهم عن الخطب
إني لأهونكم في الأرض مضطربا # ما لي سوى فرسي و الرمح من نشب
و أما عذرة المذكور في البيت الأول فهو عذرة بن حجيرة الخطيب الإيادي. و يدل على قدره فيهم، و على قدره في اللسن و في الخطب، قول شاعرهم:
و أي فتى صبر على الأين و الظما # إذ اعتصروا للوح ماء فظاظها [1]
إذا ضرجوها ساعة بدمائها # و حل عن الكوماء عقد شظاظها [2]
فإنك ضحاك إلى كل صاحب # و أنطق من قس غداة عكاظها
إذا شغب المولى مشاغب معشر # فعذرة فيها آخذ بكظاظها [3]
فلم يضرب هذا الشاعر الإيادي المثل لهذا الخطيب الإيادي، إلا برجل من خطباء إياد، و هو قس بن ساعدة. و لم يضرب صاحب مرثية أبي داود بن حريز الإيادي المثل إلا بخطباء إياد فقط، و لم يفتقر إلى غيرهم، حيث قال في عذرة بن حجيرة: