و كان أبو سعيد الرأي، و هو شرشير المدني يعيب أبا حنيفة، فقال الشاعر:
عندي مسائل لا شرشير يحسنها # عند السؤال و لا أصحاب شرشير
و لا يصيب فصوص الحقّ نعلمه # إلا حنيفية كوفية الدور
و مما قالوا في الإيجاز، و بلوغ المعاني بالألفاظ اليسيرة، قول ثابت فطنة:
ما زلت بعدك في هم يجيش به # صدري و في نصب قد كاد يبليني
لا أكثر القول فيما يهضبون به # من الكلام، قليل منه يكفيني [1]
إني تذكرت قتلى لو شهدتهم # في غمرة الموت لم يصلوا بها دوني
و قال رجل من طي و مدح كلام رجل فقال: «هذا كلام يكتفى بأولاه، و يشتفى بأخراه» .
و قال أبو و جزة السعدي، من سعد بن بكر، يصف كلام رجل:
يكفي قليل كلامه و كثيره # ثبت إذا طال النضال مصيب
و من كلامهم الموجز في أشعارهم العكلي، في صفة قوس:
في كفه معطية منوع # موثقة صابرة جزوع
و قال الآخر، و وصف سهم رام أصاب حمارا، فقال:
حتى نجا من جوفه و ما نجا [2]
و قال الآخر و هو يصف ذئبا:
[1] يهضبون في الحديث: يخوضون فيه مع ارتفاع صوت.
[2] أي نجا السهم من جوف الحمار و لم ينج الحمار من الهلاك.