نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 102
و ذكر صالح بن سليمان، عن عتبة بن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث، قال ما رأيت عقول الناس إلا قريبا بعضها من بعض، إلا ما كان من الحجاج ابن يوسف، و إياس بن معاوية، فإن عقولهما كانت ترجح على عقول الناس كثيرا.
و قال قائل لإياس: لم تعجل بالقضاء؟فقال إياس: كم لكفك من أصبع؟قال: خمس. قال: عجلت. قال: لم يعجل من قال بعد ما قتل الشيء علما و يقينا. قال إياس: فهذا هو جوابي لك.
و كان كثيرا ما ينشد قول النابغة الجعدي:
أبى لي البلاء و أني امرؤ # إذا ما تبينت لم أرتب
قال: و مدح سلمة بن عياش، سوار بن عبد اللّه [1] ، بمثل ما وصف به إياس نفسه حين قال:
و أوقف عند الأمر ما لم يضج له # و أمضى إذا ما شك من كان ماضيا
و كتب عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه، إلى عديّ بن أرطأة: إنّ قبلك رجلين من مزينة، فولّ أحدهما قضاء البصرة. يعني بكر بن عبد اللّه المزني و إياس بن معاوية. فقال بكر: و اللّه ما أحسن القضاء، فإن كنت صادقا فما يحل لك أن توليني، و إن كنت كاذبا إنها لأحراهما.
و كانوا إذا ذكروا البصرة قالوا: شيخها الحسن، و فتاها بكر.
و قال إياس بن معاوية: لست بخب و الخب لا يخدعني. و قال:
الخبّ [2] لا يخدع ابن سيرين، و هو يخدع أبي و يخدع الحسن.
[1] سوار بن عبد اللّه العنبري (245 هـ) فقيه قاض و أديب و شاعر وثقه أحمد بن حنبل.