responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 101

و رأيت ناسا يستحسنون جواب إياس بن معاوية حين قيل له: ما فيك عيب غير أنك معجب بقولك. قال: أ فأعجبكم قولي؟قالوا: نعم. قال:

فأنا أحقّ بأن أعجب بما أقول، و بما يكون مني منكم.

و الناس، حفظك اللّه، لم يضعوا ذكر العجب في هذا الموضع.

و المعيب عند الناس ليس هو الذي لا يعرف ما يكون منه من الحسن. و المعرفة لا تدخل في باب التسمية بالعجب، و العجب مذموم. و قد جاء في الحديث:

«إن المؤمن من ساءته سيئته و سرّته حسنته» . و قيل لعمر: فلان لا يعرف الشر. قال: «ذاك أجدر أن يقع فيه» . و إنما العجب اسراف الرجل في السرور بما يكون منه و الإفراط في استحسانه، حتى يظهر ذلك في لفظه و في شمائله. و هو الذي وصف به صعصعة بن صوحان، المنذر بن الجارود، عند علي بن أبي طالب رحمه اللّه، فقال: «أما إنه مع ذلك لنظار في عطفيه، تفّال في شراكيه، تعجبه حمرة برديه» .

قال أبو الحسن: قيل لإياس: ما فيك عيب إلا كثرة الكلام. قال:

فتسمعون صوابا أم خطأ؟قالوا: لا، بل صوابا. قال: «فالزيادة من الخير خير» . و ليس كما قال، للكلام غاية، و لنشاط السامعين نهاية، و ما فضل عن قدر الاحتمال و دعا إلى الاستثقال و الملال، فذلك الفاضل هو الهذر، و هو الخطل، و هو الإسهاب الذي سمعت الحكماء يعيبونه.

و ذكر الأصمعي أن عمر بن هبيرة لما أراده على القضاء قال: إني لا أصلح له. قال: و كيف ذلك؟قال: لأنني عييّ، و لأني حديد. قال ابن هبيرة: أما الحدة فإن السوط يقوّمك، و أما الدمامة فإني لا أريد أن أحاسن بك أحدا، و أما العيّ فقد عبرت عما تريد.

فإن كان إياس عند نفسه عييا فذاك أجدر بأن يهجر الإكثار.

و بعد فما نعلم أحدا رمى إياسا بالعيّ، و إنما عابوه بالإكثار.

نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست