نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 34
تكون في الدار، إن احتيج إليها استعملت، و إن استغني عنها كانت عدّة» .
و قد قال الحضين بن المنذر [1] : «وددت أن لي مثل أحد ذهبا لا أنتفع منه بشيء» . قيل: «فما ينفعك من ذلك» ؟قال: «لكثرة من يخدمني عليه» .
و قال أيضا: «عليك بطلب الغنى، فلو لم يكن لك فيه إلا أنه عزّ في قلبك، و شبهة في قلب غيرك، لكان الحظ فيه جسيما، و النفع فيه عظيما» .
و لسنا ندع سيرة الأنبياء، و تعليم الخلفاء، و تأديب الحكماء، لأصحاب الأهواء. كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يأمر الأغنياء باتخاذ الغنم، و الفقراء باتخاذ الدجاج. و قالوا: «درهمك لمعاشك، و دينك لمعادك» . فقسّموا الأمور كلها على الدين و الدنيا، ثم جعلوا أحد قسمي الجميع، الدرهم. و قال أبو بكر الصديق رحمة اللّه عليه و رضوانه: «إني لأبغض أهل البيت ينفقون رزق الأيام في اليوم» ، و كانوا يبغضون أهل البيت اللحمين [2] . و كان هشام يقول: «ضع الدرهم على الدرهم، يكون مالا. و نهى أبو الأسود الدؤلي [3] ، و كان حكيما أديبا، و داهيا أريبا، عن وجودكم هذا المولّد، و عن كرمكم هذا المستحدث، فقال لابنه: «إذا بسط اللّه لك في الرزق فابسط، و إذا قبض فاقبض [4] ، و لا تجاود [5] اللّه، فإن اللّه أجود منك» . و قال: «درهم من حلّ يخرج في حق، خير من عشرة آلاف قبضا» . و تلقّط عرجدا [6] من برم فقال: «تضيعون مثل هذا، و هو قوت امرئ مسلم يوما إلى الليل» ؟!و تلقط أبو الدرداء حبّات حنطة، فنهاه بعض المسرفين، فقال: «إيها، ابن العبسية، إن فقه المرء رفقه في معيشته» .