و قال الكميت في صفة القدر:
إوزّ تغمّس في لجّة # تغيب مرارا و تطفو مرارا
كأن الغطامط من غليها # أراجيز أسلم تهجو غفارا [1]
و أما ما ذكروا من صفات القدور، من تعيير بعضهم بعضا، فهو، كما أنشدني محمد ابن يسير: قال: لما قال الأول:
إن لنا قدرا ذراعين عرضها # و للطول منها أذرع و شبار [2]
قال الآخر: و ما هذه؟أخزى اللّه هذه قدرا. و لكنّي أقول:
بوّأت قدري موضعا فوضعتها # برابية من بين ميث و أجرع [3]
جعلت لها هضب الرخام و طخفة # و غولا أثافي دونها لم تنزّع [4]
بقدر كأن الليل سحمة قعرها # ترى الفيل فيها طافيا لم يقطّع
يعجّل للأضياف واري سديفها # و من يأتها من سائر الناس يشبع
قال أبو عبيدة: و لما قال الفرزدق:
و قدر كحيزوم النعامة أحمشت # بأجذال خشب زال عنها هشيمها [5]
قال ميسرة أبو الدرداء: و ما حيزوم النعامة؟و اللّه ما تشبع هذه الفرزدق و لكني أقول:
و قدر كجوف الليل أحمشت غليها # ترى الفيل فيها طافيا لم يفصّل
[1] الغطاميط: صوت الغليان. و اسلم: ابو قبيلة في مراد و بنو غفار: من بني كنانة.
[2] كانت قدورهم كبيرة واسعة طويلة، و هذا ما يدل على صفات القدور عندهم و حبهم للضيافة.
[3] الميث: و هي الرملة السهلة. و الأجرع: الأرض الخصبة.
[4] الرجام: الجبل. الطخفة: الجبل. و غول: موضع.
[5] الحيزوم: الصدر. أحمشت: كثر غليانها. الأجذال: المفرد جذل: و هو جذع الشجرة. زال عنها هشيمها: زال عنها اليابس منها.