نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 272
فورد الكتاب على الفيض قبل نفوذه كتابه اليه، فلما قرأه استرجع و كتب إليه: «يا أخي تضاعفت عليّ المصيبة، حتى جمعت خلة عيالك الى خلة عيالي.
و قد كنت على الاحتيال لهم، و سأضطرب في وجوه الحيل غير هذا الاضطراب، و سأتحرّك في بيع ما عندي، و لو ببعض الطرح [1] » .
فلما رجع الكتاب الى ابن عبّاد سكن، و ألقى صاحبه في أشد الحركة و أتعب التعب.
و كان رجل من أبناء الحربية له سخاء و أريحية، و كان يكثر من استزارة [2]
ابن عبّاد، و يتلف عليه من الأموال، من طريق الرغبة في الأدباء و في مشايخ الظرفاء. و كان يظن بكرمه، أن زيارته ابن عبّاد في منزله زيادة في المؤانسة و قد كان بلغه إمساكه، و لكنه لم يظن أنه لا حيلة في سببه.
فأتاه يوما متطرّئا [3] ، و قال: «جئتك من غير دعاء، و قد رضيت بما حضر» . قال: «فليس يحضر شيء. و قولك: «بما حضر» لا بدّ من أن يقع على شيء» . قال: «فقطعة مالح» ، قال: «و قطعة مالح ليس هي شيء» ؟ قال: «بلى» ، ثم قال: «فنحن نشرب على الريق» ، قال: «لو كان عندنا نبيذ كنا في عرس [4] » ، قال: «فأنا أبعث الى النبيذ» ، قال: «فاذا صرت الى تحويل النبيذ، فحوّل أيضا ما يصلح للنبيذ» . قال: «ليس يمنعني من ذلك، و من إحضار النقل و الريحان إلا لأني أحتسب لك هذه الزورة بدعوة، و ليس يجوز ذلك إلا بأن يكون لك فيها أثر» . قال محمد: «فقد انفتح لي باب لكم فيه صلاح، و ليس عليّ فيه فساد. في هذه النخلة زوج ورشان [5] ، و لهما فرخان