نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 253
ألف درهم لوهبت لك منها خمس مائة ألف درهم. يا هؤلاء فرجل يهب ضربة واحدة خمس مائة ألف يقال له بخيل» ؟.
صاحب الثريدة
و أما صاحب الثريدة البلقاء [1] ، فليس عجبي من بلقة ثريدته و سائر ما كان يظهر على إخوانه، كعجبي من شيء واحد، و كيف ضبطه و حصره و قوي عليه مع كثرة أحاديثه و صنوف مذاهبه. و ذلك أني في كثرة ما جالسته، و في كثرة ما كا يفتّن فيه من الأحاديث، و لم أره خبّر أن رجلا وهب لرجل درهما واحدا. فقد كان يفتّن في الحزم و العزم، و في الحلم و العلم، و في جميع المعاني، إلا ذكر الجود، فإني لم أسمع هذا الاسم منه قط. خرج هذا الباب من لسانه، كما خرج من قلبه.
حديث طاهر الأسير
و يؤكّد ما قلت فيه ما حدثني به طاهر الأسير، فإنه قال: و ممّا يدلّ على أن الروم أبخل الأمم أنك لا تجد الجود في لغتهم اسما. يقول: إنما يسمي الناس ما يحتاجون إلى استعماله، و مع الاستغناء يسقط التكلّف.
و قد زعم ناس أن مما يدل على غش الفرس أنه ليس للنصيحة في لغتهم اسم واحد يجمع المعاني التي يقع عليها هذا الإسم.
و قول القائل: «نصيحة» ليس يراد به سلامة القلب، فقد يكون أن يكون الرجل سليم الصدر، و لم يحدث سبب من أجله يقصد الى المشورة عليك بالذي هو أردّ عليك، على حسب رأيه فيك، و وجه لنفعك. ففي لغتهم اسم للسلامة، و اسم لإرادة الخير، و حسن المشورة، و حملك بالرأي على الصواب. فللنصيحة عندهم اسماء مختلفة، إذا اجتمعت
[1] البلقاء: من بلق. و الواحدة بلقة: سواد و بياض في اللون.
نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 253