نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 102
أبو شعيب القلاّل و مويس
و هذا أبو شعيب القلاّل، في تقريب مويس له و أنسه به، و في إحسانه إليه، مع سخائه [1] على المأكول، و غضّ طرفه عن الأكيل، و قلة مبالاته بالحفظ، و قلة احتفاله بجمع الكثير، سئل عنه أبو شعيب، فزعم أنه لم ير قطّ أشحّ منه على الطعام. قيل: و كيف؟قال: يدلّك على ذلك أنه يصنعه صنعة، و يهيئه تهيئة من لا يريد أن يمس، فضلا على غير ذلك. و كيف يجترئ الضرس على إفساد ذلك الحسن، و نقض ذلك النظم، و على تفريق ذلك، و قد علم أن حسنه يحشم [2] ، و أن جماله يهيّب منه. فلو كان سخيا لم يمنع منه بهذا السلاح، و لم يجعل دونه الجنن. فحوّل إحسانه إساءة، و بذله منعا و استدعاءه إليه نهيا.
قال: ثم قيل لأبي الحارث جمين: كيف وجه محمد بن يحيى على غذائه؟قال: أما عيناه فعينا مجنون. و قال فيه أيضا: لو كان في كفه كر [3] خردل، ثم لعب به لعب الأبليّ [4] بالأكرة [5] ، لما سقطت من بين أصابعه حبة واحدة. و قيل له أيضا: كيف سخاؤه على الخبز خاصة؟ قال: و اللّه لو ألقي اليه من الطعام بقدر ما إذا جدس، نزف السحاب لوثرّ [6] ، ما تجافى عن رغيف.