responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الازمنه والامكنه نویسنده : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    جلد : 1  صفحه : 556


فإنّ صلة إحدى النّعمتين بالأخرى فيهما كصلة الإبصار بالضّوء - والأنفاس بالجو - وكما هدى إلى الاستدلال بالشّاهد على الغائب - وبالجلي على الخفي ، وكثر ما أشرت إليه يمرّ عليه المارّون ، وهم عنها معرضون .
و الثّاني : التّذكير بحكم العرب في لغاتهم - وآدابهم - وعاداتهم - ومآربهم - مع تلاحق أقطارهم - وتضايق أوطانهم - ورضاهم بالعفو من مقاماتهم - ومآبهم على اختلاف أسبابهم - وطرقهم ، واقتنان هممهم - ووجههم - هذا إلى ما خصّوا به من الفضائل دون الأمم ، وتوحّدوا به من جلائل المنح والنّعم ، وفوائد هذين القسمين في الاتّساع كالشّمس في ضيائها - والرّيح في هبوبها يتكافأ في نيل الحظ منهما المحب والكاره ، ويعترف بهما إذا أنصف المسلم والمعاند .
و الثّالث يحوي لمعا من الأشعار - وغررا من النّوادر والآثار - اقتضى ذكرها مناسبتها للأزمان التي هي من همّنا وفرضنا على أنفسنا الوقوف تحت ظلَّها ، ولو تقصّينا أبوابها لفني العمر وبقي منه الكثير فتطرّفنا منها ما تطرّفنا إيذانا بأنّ الغفلة لم تحل دونها ولئلا تخلو تضاعف الأبواب من بعضها فليعذر النّاظر فيه هذا الكتاب . إذا انتهى إلى المواضع التي أشرنا إليها متصوّرا حالنا ، وليحذر إلحاق الغائب بنا ، ففي مستحسنه إن شاء اللَّه ما يشغل عن مستهجنه ، والشّمس يطمس نورها - ما أحاط من الكواكب بها - وقد قيل : لكلّ حسناء ذامّ .
و اعلم أنّ من حقّ المصنّف إذا جمع الأصول بحقائقها - واستوفى الفروع بلواحقها - أن يمنع الخاطر من تجاوز الأنس بالميسور ، إلى وحشة المعسور ، ويدفع الهاجس من الخروج عن مساعدة الألوف إلى مشامسة الثّغور ، حرصا على بلوغ غاية شأوه لا يلحقها ، ودفعا في وجه ممكنة جهده لا يحيط إلا بها ، لأنّ التّحفظ مع الإقلال أقرب - وهو مع الإكثار أبعد - ونصرة الرّأي في مجاذبة الهوى حصن من النّدامة - وأمن من الملامة ، ولأنّ البليغ وإن كان مؤيدا في خصله مسددا في نقده ، يصحب التّثبت ويجتنب التّجوّز لا يعجزه ما غاب - ولا يغلبه ما راب ، فمن الواجب عليه أن يجتنب الاستبداد - عند الاستعداد - ويحاذر الملال - قبل حصول الكلال ، لأنّ من عاف مصادر الغرور - لم يركن إلى موارد الحبور - فتراه يصافح المذموم بيد الاحتقار - متهاتفا فيطرحه ، ويكافح المرذول بسيف القباحة متأنفا فيتنزّه عنه وترك الشّر قبل الاختيار - أفضل من ملابسة على الاغترار والأدب حبس العقول ، والتأدّب اكتساب القلوب - والاستنباط جوالب الأفكار ، والبحث عن المكامن بأداة البصائر والأبصار ، ولكلّ منها أسباب مكرمة - وأعلام مرفعة - يسيره كاسب الجمال - وكثيره كاسي الجلال ولا غرو فإنّ السّجايا تدخلها المتاجرة والمرابحة ، فمنها ما هو أمحض من الكرم - وأنزه من الدّنس - وفي الثّناء الباقي الدّهر خلف من نفاد العمر .

نام کتاب : الازمنه والامكنه نویسنده : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    جلد : 1  صفحه : 556
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست