جازر ، فيستدل بقلَّة الذّبح والنّيران على قلَّة العدد وضعف العدد ، وهذا من مكائدهم . و من أحسن ما قيل في نار الضّيافة قول الأعشى :
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة * إلى ضوء نار في بقاع يحرق تشبّ لمقرورين يصطليانها * وبات على النّار النّدى والمحلَّق رضيعي لبان ثدي أمّ تقاسما * بأسحم داج عوض لا نفرق
وقول الحطيئة أحسن منه وهو :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره * تجد خير نار عندها خير موقد
ونار أخرى وهي نار الميسم : ويقال : ما نارك ؟ فيقول : علاطة أو خباطة ، أو كذا لذلك قال بعض الحزاب :
تساكني الباعة أين دارها * إذ زعزعوها فسمت أبصارها فكلّ دار لأناس دارها * وكلّ نار المسلمين نارها
قد وفرّنا قسط هذا الباب لفوائده ، وقد أتى الجاحظ على ذكر نيران العرب والعجم ونيران الدّيانات ، فبلغ الغاية ، ولم يترك لمتتبّع مقالة ، وإن كان أخلّ بذكر نارين ، إحداهما : نار الغدر ، وهي التي أرادها زبير في قوله شعرا :
و توقد ناركم شررا ويرفع * لكم في كلّ مجمعة أواء
والثانية : نار الوشاة : وهي التي أرادها أبو ذؤيب في قوله :
أبى القلب إلا أمّ عمرو فأصبحت * تحرّق ناري بالشّكاة ونارها