أقول : لم
يتعرض النحاة لأبنية الحروف لندور تصرفها ، وكذا الأسماء [١] العريقة البناء كمن وما
أكثر من الكسر فلا
يدل أيضا على أن أصله منذ ، لجواز أن يكون للاتباع ، وضم ذال مذ ـ سواء كان بعده
ساكن أولا ـ لغة غنوية ، فعلى هذا يجوز أن يكون أصله الضم فخفف فلما احتيج إلى
التحريك للساكنين رد إلى أصله كما فى «لهم اليوم» والكلمة الثالثة ذا الاشارية ،
على رأى من يقول : إن المحذوف منها العين ، وإن أصلها ذوى ، لكثرة باب طويت ،
وورود الامالة فى ألفها ولا سب لها هنا إلا انقلابها عن ياء ، وهذا ما اختاره
الشارح فى باب التصغير والاعلال ، ولكن اختار فى شرح الكافية أن أصله ذيى ، وأن
المحذوف منه اللام ، لأن حذف اللام اعتباطا أكثر من حذف العين ، والحمل على الأكثر
عند خفاء الأصل أولى ، ومثال ما كان على حرف واحد فى الاسم «م الله» على رأى من
يقول : إن أصله «أيمن الله» وأما على رأى من يقول : إنه موضوع للقسم هكذا ابتداء
وليس مختصرا من ايمن ، فهو حرف قسم كالباء والواو ، وأما الفعل فقد يكون على حرفين
، والمحذوف منه العين كقل وبع وسل ، وقد يكون كذلك والمحذوف منه الفاء كضع ودع وذر
، وقد يكون على حرف واحد والمحذوف منه الفاء واللام المعتلان نحو «ع كلامى» و «ق
نفسك»
[١] قول الشارح «وكذا
الأسماء العريقة البناء» يريد المتأصلة فى البناء ، وهو مستعار من قولهم : أعرق
الرجل ، إذا صار عريقا ، أى : أصيلا ، وهو الذى له عروق فى الكرم أو اللؤم ، هذا ،
ولم يتعرض الشارح للسر فى أن أقل الأبنية ثلاثة ، ولا للسر فى أن الاسم لا يكون
سداسيا ، ونحن نذكر لك ما قيل فى ذلك : قال أبو حيان : إنما كان أقل الأصول ثلاثة
لأنه لا بد من حرف يبتدأ به ، وحرف يسكت عليه ، وحرف يحشى به الكلمة لأن بعض الكلم
يحتاج إليه فى بعض الأحكام ، ألا ترى أن التصغير لا يتصور فى اسم على حرفين لأن
ياءه إنما تقع ثالثة وحرف الاعراب بعدها ، وفيه أن هذا إنما يتم فى الاسم لا الفعل
، وقال الجاربردى : «الأصل فى كل كلمة أن تكون على ثلاثة أحرف : حرف يبتدأ به ،
وحرف يوقف عليه ، وحرف يكون واسطة بين المبتدأ به والموقوف عليه ؛ إذ