أقول : اعلم أن
أهل التصريف قالوا : إن فعل يفعل ـ بفتح العين فيهما ـ فرع على فعل يفعل أو يفعل ـ
بضمها أو كسرها فى المضارع ـ ، وذلك لأنهم لما رأوا أن هذا الفتح لا يجىء إلا مع
حرف الحلق ، ووجدوا فى حرف الحلق معنى مقتضيا لفتح عين مضارع الماضى المفتوح عينه
، كما يجىء ؛ غلب على ظنهم أنها علة له ، ولما لم يثبت هذا الفتح إلا مع حرف الحلق
غلب على ظنهم أنه لا مقتضى له غيرها ؛ إذ لو كان لثبت الفتح بدون حرف الحلق ، فغلب
على ظنهم أن الفتح ليس شيئا مطلقا غير معلل بشىء ، كالكسر والضم ، إذ لو كان كذلك
لجاء مطلقا بلا حرف حلق أيضا كما يجىء الضم والكسر ، وقوّى هذا الظن نحو قولهم وهب
يهب ووضع يضع ووقع يقع ؛ لأنه تمهّد لهم أن الواو لا تحذف إلا فى المضارع المكسور
العين ؛ فحكموا أن كل فتح فى عين مضارع فعل المفتوح العين لأجل حرف الحلق ، ولو
لاها لكانت إما مكسورة او مضمومة فقالوا : قياس مضارع فعل المفتوح عينه إما الضم
أو الكسر ، وتعدّى بعض النحاة ـ وهو أبو زيد ـ هذا ، وقال : كلاهما قياس ، وليس
أحدهما أولى به من الآخر ، إلا أنه ربما يكثر أحدهما فى عادة ألفاظ الناس حتى يطرح
الآخر
فأقسم لو لا تمره ما حببته
وكان عياض منه أدنى ومشرق
قال الجوهرى : «وحبه يحبه بالكسر فهو
محبوب شاذ ؛ لأنه لا يأتى فى المضاعف يفعل بالكسر إلا ويشركه يفعل بالضم ما خلا
هذا الحرف» اه لكن ذكر أبو حيان أنه سمع فيه الضم أيضا ؛ فيكون فيه وجهان ، وعلى
هذا لا يتم قول المؤلف ولزموه فى حبه يحبه ، ولا تعليل الجوهرى شذوذه بعدم مجىء
الضم فيه ، ولو أنه علل الشذوذ بما هو علته على الحقيقة ـ وذلك أن قياس المضعف
المتعدى الضم ـ لم يرد عليه شىء