الزَّمْهَرِيرَ : وقال أهلُ العَرَبِيَّةِ ، في تفسيرِ : (الغَسّاق) : هو الشديد البَرْدِ يُحْرِقُ من بَرْدِهِ.
وفي الحديثِ :
أن النبي صَلَى الله علَيه وسلَم قال : «لو أنَّ دَلْواً من غَسَاقٍ ، يُهَرَاقُ في الدُّنْيا ، لأنْتَنَ أهْلَهَا».
قلتُ : وهذا
يدلُّ على أنَ الغَسَاقَ
: هو
المُنْتِن.
وقال الليثُ : (وَغَسَّاقاً) ، أيْ : مُنْتِنَا.
وأما قول الله ـ جلّ
وعزّ ـ : «وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ
، إِذا وَقَبَ».
فإِنَّ الفراءَ
قال : الغَاسِقُ. الليلُ ، (إِذا وَقَبَ) : إذا دَخل في كلِّ شيءٍ ، وَأظلَمَ.
وقال الليثُ : الغاسِقُ : الليلُ ، إذا غابَ الشَّفَقُ أقبلَ الغَسَقُ ، قال : وغسَقَتْ
عينهُ تغسِقُ.
وروى أبو سلمة
عن عائشة ـ أن صح ـ
أنها قالت : «قال رسول الله صَلَى الله
عليه وسلم لما طلعَ القمرُ : هذا
الغاسِقُ ، (إِذا وَقَبَ) ، فتعوَّذْنَ بالله من شرِّه».
وروي عن أبي
هُريرة عن النبي صَلَى الله علَيه وسلَم في قوله : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ
إِذا وَقَبَ [٣]) [الفلق : ٣] قال : الثُرّيا : وقالَ الزَّجّاج في قولهِ : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)) يعني به الليل ، وقيلَ ، لليلِ : غاسقٌ ، والله أعلمُ ، لأنّه أبردُ من النَّهارِ ، والغاسقُ : الباردُ.
وأتيتُه حين غَسق الليلُ ، أي : حين يختلِطُ ، ويُعسكِرُ الليلُ. ويَسُدُّ
المَنَاظِرَ ، يَغْسِقُ
غَسَقاً ، وأنشَدَ شمر
في الغاسِقِ بمَعنى : السائِلِ :
أبكى
لِفَقِدِهِمُ بِعَيْنٍ ثَرَّةٍ
تَجْرِي
مَسَارِبُهَا بِعَيْنٍ غاسِقٍ
أيْ : سائلٍ ،
وَليس من الظلمة في شيء.
قال : وَقَال
أبو زيد : غَسَقت العينُ تغسِقُ
غَسقاً ، وَهُو
هَملانُ العينِ بالغَمَص وَالماءِ.
وكان الربيعُ
بن خُشَيم يقولُ في اليومِ المَغِيم لمؤذنِهِ : أغْسِقْ
أَغْسِقْ ، يقول : آخِر
المغربَ حتى يغسِقَ
الليلُ ، وَهُو
إظْلَامُهُ.
وقال الفراءُ
في قولِ الله ـ جلّ وعزّ ـ : (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) [الإسراء : ٧٨] : وهو أولُ ظلمتِه.
قلت : غَسقُ الليْلِ ـ عندي ـ : غَيْبُوبةُ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ ، حينَ
تَحِلُّ صلاةُ العِشَاءِ الآخرةُ ، يدلّ على ذلك سِيَاقُ الآية. إلى آخرها ، وقد
دَخَلَتِ الصلواتُ الخمسُ فيما أمر الله ـ
جلّ وعزّ ـ به ،
فقالَ : (أَقِمِ الصَّلاةَ
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [الإسراء : ٧٨] ، وهو زوالُها ، (إِلى غَسَقِ
اللَّيْلِ) : العِشَاء