وقال الفَرّاءُ
: جائزٌ أنْ يَكُونَ : يُغَلُ
، مِنْ : أَغْلَلْتَ بمعنى : يُغَلَّلُ
، أي : يُخَوّنُ
، كقولِه ـ تعالى : (فَإِنَّهُمْ لا
يُكَذِّبُونَكَ) [الأنعام : ٣٣] و (لَا يُكذبُونَكَ).
وقال الزِجّاجُ
: قُرئا جميعاً : (أَنْ يَغُلَ) ، وأن يُغَلَ). فَمَنْ قال : (أَنْ يَغُلَ) : فالمَعْنى : ما كانَ بِنَبِيٍّ أن يَخُونَ أمَّتَهُ.
وتَفْسِيرُ ذلكَ ؛ أنّ الغَنَائِمَ جَمَعَها النبي صَلَى الله عليه وسلم في
غَزَاةٍ ، فجاءَهُ جماعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ، فَقَالُوا : «ألَا تَقْسِمُ
بَيْنَنا غَنَائِمنَا؟؟».
فقالَ صَلَى
الله عليه وسلم : «لو أَفَاءَ الله عَلَيَّ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا مَنَعْتُكم
دِرْهَماً ، أَتَرَوْنَني أغُلُّكُمْ
مَغْنَمكُمْ؟!».
قالَ : وَمَنْ
قَرَأَ : (أنْ يُغَلَ) فهو جائِزٌ عَلَى ضَرْبَينِ : أحدُهُما : ما كانَ
لنبيٍّ أن يَغُلَّهُ أصْحَابُه ، أيْ : يَخُونُوهُ ، وجاء عن النبي صَلَى
الله عليه وسلم : أنه قالَ : «لا أَعْرِفَنَّ أحدَكم يجيءُ ـ يومَ
القِيامَةِ ـ وَمَعهُ شَاةٌ ، قَدْ غَلَّها ، لها ثُغَاءٌ ، ثم قَالَ : أَدُّوا الخَيْطَ
وَالمَخْيَطَ».
وأخبرني
المُنذِريّ عن الحُسين بنِ فَهْم عن ابنِ سَلّام ، قالَ : كان أبو عمرو بنُ
العَلَاء ، ويونُس يَخْتَارَانِ : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ
أَنْ يَغُلَ). قال يُونُسُ : وكيفَ لا
يُغَلُ؟ بَلَى ، ويُقْتَلُ!!.
ورُوِيَ عن
النبي صَلَى الله عليه وسلم أنّه أملى في كتابِ صُلْحِ الحُدَيبيّةِ : «أنْ لا إغْلالَ ولا إسْلالَ».