وسمعتُ
عُقيليّاً يقول لأمَةٍ كانت ترعَى رَوَائدَ خيل ، فجفَلت في يوم عاصف ، فقال لها :
ألا وَأَهيبي بها تَرعْ إليك ، فجعل دعاءَ الخيل إهابةً أيضاً. وأما
هابِ فلم أسمَعْه
إلا في الْخيل دون الإبل ، وأنشد بعضهم :
وقال ذو الرّمة
يصف إبلاً أزْبَدتْ مَشافِرها ، فقال :
يظلّ
اللُّغام الهيَّبان كأنه
جَنَا عُشَرٍ
تَنْفِيه أشداقُها الهُدْلُ
وجَنا العُشَر
: يخرجُ مثل رُمّانة صغيرةٍ فتنشقّ عن مِثل القَزّ ، فَشبّه لُغامَها به ،
والبادية يجعلونَ جَنا العُشَر ثَقوباً يوقدون به النار.
وهب : أبو حاتم عن الأصمعيّ : تقول العرب : هَبْنِي ذَاك ، أي احسُبْني ذاك واعدُدْني. قال : ولا يقال هَبْ أَنِّي فعلتُ ذاك ، ولا يقال في الواجب : قد وَهبْتُك ، كأنها كلمة وُضِعتْ للأمر ، كما يقال ذَرْني ودَعْني ،
ولا يقال : وذَرْتُك.
ثعلب عن ابن
الأعرابيّ : يقال : وهَبَني
الله فِداك ،
بمعنى جَعَلَني.
وقال شمِر :
قال الفرّاء : اتَّهَبْتُ
منكَ دِرْهماً
: افْتَعَلْتُ من الهِبة ، وأصبَح فُلانٌ مُوهباً أي مُعدّاً.
قال : ووَهبتُ له هِبَةً وموْهِبةً ووَهْباً ووَهَباً ، إذا أعطيتَه ، واتهَبْتُ
منه ، أي
قَبِلتُ.
وقال الليث :
تقول : وَهَب الله له الشيء ، فهو
يَهَب هِبَةً ، وتَواهَبَه الناسُ بينهم ، والله الوَهّاب
الوَاهِب ، وكلّ ما وُهِبَ لك من ولدٍ وغيرِه فهو
مَوْهوبٌ.
ورُوي عن النبي
صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لقد هممتُ ألّا أَتَّهِبَ إلا مِن قُرَشِيّ أو أَنْصَاريّ أو ثَقَفِيّ» قوله : لا أَتَّهِبَ ، أي أقبَل هِبةً إلا من هؤلاء.
قال أبو عُبيد
: رأى النبي صلىاللهعليهوسلم جَفاءً في أخلاق البادية ، وطلباً للزيادة على ما وَهَبوا ، فخَصَّ أهلَ القُرَى العربية بقبوله الهديّة منهم دون
أهلِ البادية ؛ لغَلَبة الجفاء على أخلاقهم ، وبُعدِهم من ذوي النُّهَى