رُوِي ذلك عن
أبي عبيد ، عن أبي زيد ، قال : ومعنى المَثَل أنّ المِعزَى تَصعَد فوق البيت
فتَخرِقُه ، ومعنى لا تُبْنِي ، أي لا يُتَّخَذ منها أَبْنِية ، إنما الأبْنِيَة
من الوَبَر والصُّوف ، يقول : لأنها إذا أمكَنتْك من أصوافِها فقد أَبْنَيْت.
قلتُ : وقال
القُتَيْبيُّ فيما رَدَّ على أبي عبيد : رأيتُ بيوتَ الأعراب في كثيرٍ من المواضع
من شَعر المِعْزَى ، ثم قال : ومعنى قوله : ولا تُبني أي ولا تُعِين على البِناء.
قلت : والمِعزَى في بادية العَرَب ضَرْبان : ضرب منها جُرد لا شعُورَ لها مِثل
مِعزَى الحِجاز ، وغَوْرِ تهامة ، والمِعزَى التي ترعى نُجودَ البِلاد البَعِيدة
من الرِّيف كذلك. ومنها ضربٌ تَألفُ الرِّيفَ وتَرْجُنُ حَوالَي القُرَى الكثيرة
المياه ، تطولُ شعُورُها مِثل مِعزَى الأكراد بناحية الجَبَل ونَواحِي خُراسان
وكأن المَثَل لبادية الحجاز ونواحِي عاليَةِ نَجْد ، فيصحّ ما قاله أبو زيد على
هذا ، والله أعلم. وهو حسبُنا (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
وأخبرني
المنذريُّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أنه قال : قال حُنَيف الحَناتم ، وكان
من آبلِ الناسِ : الرَّمْكاء
بُهْيَا ، والحمراء
صُبْرَى ، والخَوَّارة غُزْرَى ، والصَّهباء سُرْعَى ، وفي الإبل أخْرَى إن كانت
عند غيري لم أَشتَرِها ، وإن كانت عندي لم أَبِعْها حمراءُ ، بِنْتُ دَهْماء ،
قَلَّما تَجدها ، وقولُه بهْيَا ، أراد
البَهِيَّة الرائقة ، وهي
تأنيث الأبهى والرُمْكة في الإبل أن يشتدَّ كُمْتَتُها حتى يدخَلها
سَوَاد ، بعيرٌ أَرمَك.
والعَرَب تقول
: إن هذا لَبُهياي ، أي ممَّا أَتباهى به ، حكى ذلك ابن السكيت عن أبي
عمرو. ويقال : باهَيتُ
فلاناً فبَهوْتُه ، أَي غَلَبْتَه بالبَهاء.
وأَبهيتُ الإناء ، إذا فَرَّغْتَه.
وقال أَبو عمرو
: باهاه ، إذا فاخَه ، وهاباه إذا صايَحَه.
قال : والبَهْوُ البيت من بُيوت الأعراب ، وجمعُه أَبهاء.
وفي الحديث : «وتنتقل
الأعرابُ بأَبهائها إلى ذِي الخَلَصَة» أي بيُوتها.
أبه ـ وبه : أبو عبيد عن أبي زيد : نَبِهتُ
للأمر نَبَهاً أَنْبَه ، ووَبهتُ
له أَوْبَهُ وَبَهاً : وابهتُ ، وأَبَهتُ
آبَهُ أَبْهاً ، وهو الأمر
تنساه ، ثم تنتَبهُ له.
قال : وقال
الكسائيّ : أَبِهْتُ
آبهُ ، وبُهْتُ أَبُوهُ ، وبِهتُ
أَباهُ.
وقال ابنُ
السكيت : يقال ما
أَبِهْتُ له ، وما أَبَهْت له وما
بِهتُ له وما بُهْتُ له ، وما
وَبِهْتُ له ، وما بأَهْتُ له وما
بَهأْتُ له. يريد ما
فَطِنْتُ له.
ورُوي عن أبي
زيد أنه قال : إني لآبهُ
بك عن ذلك
الأمر ، إلى خَيرٍ منه ، إذا رفعتَه عن ذلك.
وفي حديثٍ
مرفوع : «رُبَّ ذِي طِمْرَين لا
يُؤْبَه له لو أَقْسَم
على الله لأبَرّه».