قلت : الضَيْعة والضِّيَاع عند الحاضرة : مال الرجل من النخل والكَرْم والأرض
والعرب لا تعرف الضيعة إلا الحرفة والصناعة ، وسمعتهم يقولون : ضيعة فلان الخِرازة ، وضيعة آخر الفَتْل ، وسَفّ الخُوص وعمل النخل ورعي الإبل وما
أشبه ذلك. ومن أمثالهم : إني لأرى ضَيعةَ ، لا يصلحها إلا ضجعة ، قاله راع رَفَضت عليه إبلُه في
المرعى ، فأراد جمعها فتبدّدت عليه ، فاستغاث حين عجز بالنوم. وقال جرير :
وقلن تروحّ
لا تكن لك ضَيْعة
وقلبك مشغول
وهنّ شواغله
وقد تكون الضيعة من الضيَاع. وقال النضر في قوله من ترك ضياعاً فإليّ قال : الضياع
: العيال.
وقال ابن
السكيت : من أمثالهم : الصيفَ ضيعتِ
اللبن إذا خوطب
به المذكر أو المؤنث أو الاثنان أو الجميع فهي مكسورة التاء لأن المثل خوطب به المرأة
فجرى المَثَل على الأصل.
وضع : شمر عن أبي زيد : وضعت
الناقة وهو نحو
الرقَصَان. أوضعتها أنا. قال : وقال ابن شميل : وضع البعير إذا عدا ، وأوضعته
أنا إذا حملتَه
عليه. وقال الليث الدابة
تضع السير وَضْعاً ، وهو سير دون. يقال : إنها لحسنة الموضوع. وأنشد :
بماذا تردّين
امرأ جاء لا يرى
كودّك ودّاً
قد أكلّ وأوضعا
قال : يريد أوضعها راكبها ، وهو ذلك السير الدون. ومنه : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) [التّوبَة : ٤٧].
قلت : قول
الليث : الوضع : سير دونٌ ليس بصحيح ، الوضع
هو العَدْو.
واعتبر الليث اللفظ ، ولم يعرف كلام العرب فيه.
فأمّا قول الله
تعالى : (وَلَأَوْضَعُوا
خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) [التّوبَة : ٤٧] فإن الفراء قال : العرب تقول أوضع الراكب ووضعت
الناقة ، وربما
قالوا للراكب وَضَع
وأنشد :
* ألفيتني مُحْتَمِلاً بَزِّي أضع *
وقال الأخفش :
يقال أوضعتُ ، وجئت موضِعاً. ولا توقعه على شيء. ويقال من أين أوضع الراكبُ ومن أين أوضح الراكب. هذا الكلام الجيّد. قال :
وقد يقول بعض قيس : أوضعت
بعيري فلا يكون
لحناً.
وأخبرني
المنذريّ عن أبي الهيثم أنه سمعه يقول بعد ما عُرض عليه كلام الأخفش هذا. وقال
يقال : وضعُ البعيرُ
يضع وَضْعاً إذا عدا فهو واضع ، أوضعته
أنا أُوضعه إيضاعاً قال ويقال : وضع
الرجل إذا عدا يضع وَضْعاً. وأنشد :
يا ليتني
فيها جذع
أَخُبَّ فيها
وأضع
أخُبّ من الخبب
، وأضع أي أَعْدو من الوضع. قال وقول الله : (وَلَأَوْضَعُوا
خِلالَكُمْ) أي أوضعوا مراكبهم خلالكم لهم قال : وأمَّا قوائم : إذا طرأ عليهم
الراكب : من أين أوضح الراكبُ فمعناه من أين أنشأ ، وليس من الإيضاع في شيء.