لأنَّها صِلاب. قال : وقوله «ذو فيئة» يقول : له مَرجوع. ولا يكون ذلك إلّا
من صلابته ؛ وهو أن يُطعم البعير النَّوى ، ثم يفتّ بعره فيخرج منه النوى يُعلَفه
مرة أخرى ، ولا يكون ذلك إلّا من صلابته. قال : وقوله «معجوم» يريد أنه نوى الفم ، وهو أجود ما يكون من النوى ؛
لأنَه أصلب من نوى النبيذ المطبوخ.
قال : وخطب
الحجاج يوماً فقال : «إنّ أمير المؤمنين نكب كنانتَه فعَجَم عيدانها عُوداً عُوداً ، فوجدني أمرَّها عوداً» ، يريد
أنه قد رازَها بأضراسه ليمتحنَ صلابتها. وقال النابغة :
فضلَ يَعجُم أعلى الرَّوقِ منقبضاً
أي يعضّ أعْلى
قَرنه وهو يقاتله.
ويقال فلانٌ
صُلب المَعْجمة ، وهو الذي إذا جرّستْه الأمورُ وُجِد صلباً.
شمر عن ابن
الأعرابي : ناقة ذات مَعْجَمة ، أي ذات صلابة وشِدّة. وأنشد بيت المرّار :
جمالٌ ذات
معجمةٍ ونوقٌ
عَواقدُ
أمسَكتْ لَقحاً وحُولُ
وقال غيره :
ذات معجمة ، أي ذات سِمَن. وأنكره شمر.
وقال الليث :
يقول الرجل للرجل : طال عهدي بك ، ما
عجمَتْك عيني منذ كذا
وكذا ، أي ما أخذَتْك. وقال اللحياني : رأيت فلاناً فجعلَتْ عيني تَعجمُه ، أي كأنّها لا تعرفه ولا تمضي في معرفته كأنّها لا
تُثبته. وقال أبو داود السِّنْجيّ : رآني أعرابيٌّ فقال لي : تعجُمك عيني ، أي يتخيَّل إليّ أنِّي رأيتك. قال : ونظرت في
الكتاب فعجَمتُ ، أي لم أقفْ على حروفه. وأنشد :
على أنّ
البصير بها إذا ما
أعار الطرفَ
يَعجُم أو يَفِيلُ
واستعجَمتْ على المصلِّي قراءَتُه ، إذا لم تَحضُره.
والإبل تسمَّى عواجمَ وعاجماتٍ لأنها
تعجُم العظام. ومنه
قوله :
وكنتُ كعظم العاجمات اكتَنفْنَهُ
وقال أبو عبيدة
: فحلٌ أعجم : يهدر في شِقشقةٍ لا ثُقْب لها ، فهي في شدقه لا
يَخْرجُ الصَّوتُ منها. وهم يستحبّون إرسالَ الأخرس في الشَّول ؛ لأنه لا يكاد
يكون إلّا مئناثاً.
قال : والعَجَمات : صخور تنبت في الأودية. وقال أبو دُوَاد :
عذبٌ كماء
المُزْنِ أن
زلَه من
العَجماتِ باردْ
يصف ريقَ
جاريةٍ بالعُذوبة.
ورُوي عن أمّ
سلمة أنها قالت : «نهانا النبي صلىاللهعليهوسلم أن نَعجُم
النَّوى
طَبْخاً» ، وهو أن يُبالغَ في طبخه وإنضاجه حتّى يتفتّت النوى ويفسد. قال القتيبيّ
: معناه أنه أن يبالغ في طبخه وإنضاجه. قال : ورأى أن تؤخذ حلاوته عفواً ، يعني
حلاوة التمر ولا يبلغ في ذلك النوى ، إمّا لأنه قوتٌ للدواجن فيذهب قوّته إذا أنضج
، أو لأنّه يُفْسِد طعم السُّلَافة.